الأحد، 2 مايو 2010

النفير 2

شاب في ال40 من عمره يحدث نفسه .
- دلوقت بنقول المقاتلين و المجاهدين ؟ المجاهدين كانت بتتقال علي كل إرهابي ، كانت المرادف لإرهابي . دم أيه اللي عاوزيني اتبرع به ؟ أنا أمي لما جت تعمل عملية و احتاجت نقل دم ، دوخوني بين مستشفي ال.. و بنك الدم و .. ، و في الاخر لما لقيت ، اشتريت كيس الدم – أحد مشتقات الدم – ب 270 جنيه و أمي بتموت ، و أنا علي قد حالي ، و ال270 جنيه كنت مستلفهم . آه يا بلد ، اتبرع و انتم تبيعوه و تكسبوا من دم الغلابة ؟ دي أكبر تجارة بعد السلاح و المخدرات تجارة الدم . و أنا لا باشتغل فيها و لا لي فيها ، أمي ماتت خلاص و أبويا كمان .
- يا أستاذ ، اتفضل ، اتفضل تعالي .
- ليه ؟ حتدفع كام ؟
- أدفع ؟ أدفع أيه ، دا تبرع للمقاتلين المجاهدين ، الناس اللي بتدافع عني و عنك ، عن أبني و أبنك ، و بنتي و بنتك ، بتدافع عن البلد .
- أنا أمي ماتت ، و أنتم بتاجروا فيه و بعتم و اشتريتم في و في غيري عشان كيس دم ، و النهارده و بكره و امبارح بتستغلوا الشعب ، باسلوب العطف ، اصله شعب عاطفي و متدين .
- روح غور في داهية ، أنت حتهرب اللي واقفين ، روح مش عاوزين من وش أمك حاجة ، غور داهية تاخدك .
صوت ميكرفون الجامع . حي علي الجهاد ، حي علي الجهاد .
شاب ذو لحية كثيفة ، و جلباب أبيض ، يحدث نفسه :
- جهاد مين يا شيخ ؟ أنت ما ذكرت الجهاد مرة في خطبة من خطبك ، باسمعك من 20 سنة لم تذكر الجهاد ، و كأنه باب أُغلق نهائيا . المشكلة ان اللي حكم لم يحكم بم أنزل الله ، و لكن شغلوا دماغهم في القوانين . و أنا لما أتخرجت و كنت من أوائل الدفعة لم أجد من يسأل عني ، ناس أقل مني في الدفعة بكتير ، كتير جدا ، لان ليهم وسايط اشتغلوا . اللي كان خايب بقي صحفي . و الله و أحنا في سنة 4 في الكلية ما كان عارف معني كلمة فلسفة و أحنا كنا في قسم فلسفة ، و التاني أشتغل في حزب بتاع أخوة ، اه و الله ، و لما أنا ربيت دقني - سُنة – قالوا لي أنت إرهابي و قبضوا علي ، و كل ما تحصل حاجة ، أي قلق في البلد يقبضوا علي . ليه ؟ مش عارف . إرهابي . أزاي ؟ برضه مش عارف . النهارده عاوز مني أحارب ؟ أدافع عن مين ؟ عن اللي بيقبض علي و يهيني و يمسح بكرامتي الأرض .يا راجل مرة قبضوا علي ، و عشان يكسروا نفسي عملوا لي محضر تسول ، و عشان لو حد فتش القسم يبقي وجودي رسمي .عاوزيني أدافع عن مين ؟ عن اللي أشتغل صحفي و بيمسح جوخ لكل من هب و دب و أنا مرمي في الشارع ؟ حتى لما اشتغلت سواق تاكسي لقيت دفاتر المخالفات مع الأمناء و عساكر الدرجة الأولي كمان و أنا تحت رحمة من لا يرحم ، حتدفع و إلا ؟ أنت يا له واقف كده ليه ؟ و ايده علي الدفتر و لسان حاله بيقول حتدفع يا أبن الصرمة و إلا ..؟ و أنا مضطر إما أدفع بالتي هي أحسن أو أترك الزبون و أمشي ؟ يا ولاد الكلب معايا مؤهل عالي و فوق العالي و انتم كبيركم معاه ثانوية عامة ، حتى اللي دخل كلية الشرطة منكم لا يعرف غير الضرب و الشتيمة و أمك و أبوك و يا أبن اللي أبصر أيه عملاه و لا هم فاهمين حاجة . و تقول لي نفير ؟ نفير مين يا عم ؟ روح دافع أنت عن ممتلكاتك . علي الأقل أنا ما تاجرتش في ديون البلد ، و لا مصيت دم الغلابة .
و مازال صوت الشيخ يعلن من ميكرفون الجامع : حي علي الجهاد ، حي علي الجهاد .
- لما قلنا الجهاد هو الفريضة الغائبة ، قلتم أنت إرهابي و حبستوني و كهربتوني و مدتوني علي رجلي و أتعلقت في مروحة السقف من رجلي و ربطوا في ايدي انبوبتين بوتجاز لما مفاصل جسمي اتفككت من بعضها .
صوت المذياع ، و الله زمان يا سلاحي ، اشتقت لك في كفاحي ، انده و قول أنا صاحي يا حرب و الله زمان .
يُتبع . البقية العدد القادم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق