الأحد، 28 فبراير 2010

ضاع الحرم






قرر النتن ياهو - ايش حال لو ماكان نتن - في 21/ 2/ 2010 ضم المسجد الإبراهيمي و مسجد بلال ابن رباح لقائمة التراث اليهودية ، و خرج مفتي مصر و خرج بعض من طلاب الأزهر و للحق مجلس الشوري و مجلس النحاسين و النقابة النخاسين و مجلس بيع الفجل و الجرجير و نقابة الشيالين و العربجية و الفواعلية و السلطة الطحينية ، و البقاء لمن له البقاء و لا عزاء لا للرجال - مافيش رجال - و لا للسيدات . الأندلس راحت و قرطبة راحت و الأقصي و الإبراهيمي و بكرة مكة و الكعبة و بعد بكرة الحرم النبوي .
و مازلنا نصدر الغاز و مازلنا نكذب علي الناس .بعتم كل حاجة حتي بعتم نفسكم للشيطان ، و كل حاجة راحت ، اللهم رحمتك يا أرحم الراحمين و حسبنا الله و نعم الوكيل .

ملابس الخليفة

عندما جاء عمر من أجل القدس ، و نزل عن راحلته جاءه ابو عبيدة وأراد تقبيل يده، فهمّ عمر بتقبيل رجله . لكن ما كان يلبس ذلك الفاتح ؟ كان ملبسه جبة من الصوف فيها اربعة عشر رقعة، ملابسه العادية. و لكن لأن المناسبة تاريخية وعظيمة ، اقترح عليه رفاقه ان يلبس ثياباً بيضاء وأن يركب جواداً بدل البعير فهذا أهيَب، و لإلحاح أصحابه لبس عمر ثياباً بيضاء يقال انها كانت من ثياب مصر وتساوي خمسة عشر درهماً وطرح على كتفه وشاحاً من كتان لم يكن جديداً ولكنه يفي بالغرض وقدم اليه ابو عبيدة حصاناً رومياً أشهب ، الذي ما أن ركبه عمر حتي بدأ يتبختر ويتراقص في مشيته.
نزل عمر رضي الله عنه عن الحصان بسرعة الملسوع وقال : أقيلوا عثرتي أقال الله عثرتكم يوم القيامة، فقد كاد أميركم ان يهلك بما دخل في نفسه من العجب والكبر وإني سمعت رسول الله (ص) يقول: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من الكبر. ولقد كاد ان يهلكني ثوبكم الأبيض وبرذونكم المهملج (حصانكم المتبختر) ، نزع عمر ما كان عليه وعاد الى لبس مرقعته.

أبو سفيان و أبنه معاوية و الخليفة عمر

سمع عمر بعودة أبي سفيان من عند ولده معاوية والي الشام ، فوقع في نفسه أن معاوية قد زود أبيه بمال ، و جاء أبو سفيان مسلما ، فقال عمر : أجزنا – اعطنا – يا أبا سفيان ، فقال أبو سفيان : ما أصبنا شيئا فنجيزك ، فمد عمر يده إلي خاتم في يد أبي سفيان فاخذه ، و بعثه إلي هند زوجة أبي سفيان و أمر الرسول أن يقول لها باسم زوجها : أنظري الخرجين اللذين جئت بهما فابعثيهما . فما لبث رسول عمر أن عاد و معه الخرجين فيهما عشرة آلاف درهم فطرحهما عمر في بيت مال المسلمين .

ما يحل للحاكم

سُئل عمر يوما عما يحل للخليفة من مال الله ، فقال : إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين ، حلة للشتاء و أخري للصيف – و ما أدراك ما حلة عمر ، كانت مرقعة – و ما احج به و أعتمر و قوتي و قوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم و لا بأفقرهم . إنما أنا رجل من المسلمين .

دار القضاء

إنه عمر بن الخطاب للمرة المائة ، و لو ظللت أكتب عنه ألف ألف مرة ما مللت و لوجدت جديدا أضيفه .
في عهد عمر رضي الله عنه فتحت فارس و العراق و الشام و مصر ، و لكنه مازال يلبس جلبابا مرقعا .
وجاء الأجلُ عمر بن الخطاب قبل أن يسدد ديونه فكانت همه الأول و أوصي بسدادها من ماله و مال اهله فقال لأبنه : إن وفي به – الدين – مال آل عمر فأده من اموالهم ، و إلا فاسأل بني عدي ، فان لم تف أموالهم فاسأل فيه قريشا و لا تعدهم – لا تتعداهم لغيرهم – لا تسأل بعدهم احدا .
و كان عبد الرحمن حاضرا فاقترح أن يستقرضها من بيت المال حتي تؤدي ، فلم يقبل عمر ،
و دعا بابنه عبد الله فقال اضمنها فضمنها و وفي بوعده ، فلم يدفن أبوه حتي أشهد بها علي نفسه أهل الشوري و عدة من الأنصار ، و ما أنقضي اسبوع حتي حُمل المال إلي عثمان ، و احضر الشهود علي البراءة بدفعه ، و قد بيعت لعمر دارا في هذا الدين و سميت باسم دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دينه .
هل سمعتم عن ملك أو أمير أو رئيس مات مدينا و قد فتح الله علي يديه فارس و العراق و الشام و مصر ؟

السبت، 27 فبراير 2010

أبو حنيفة النعمان و مدحه



كتب أبي حنيفه هذه القصيدة ليتقرب بها من رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لينشدها بين يديه في أثناء زيارته ،
و لم يطلع عليها أحد.فلما وصل الى المدينة المنورة، سمع المؤذن ينشدها على المئذنة،! فعجب من ذلك و انتظر المؤذن.فسأله: لمن هذه القصيدة؟!.قال :لأبي حنيفة. قال: أتعرفه؟.قال: لا. قال : و عمن أخذتها؟!.قال: في رؤياي أنشدها بين يدي المصطفى صلى الله عليه و سلم، فحفظتها و ناجيته بها على المئذنة.فدمعت عينا أبي حنيفة..
يا سيد السادات جئتك قاصدا أرجو رضاك و أحتمي بحماكا
و الله ياخير الخلائق ان لي قلبا مشوقا لا يروم سواكا

و بحق جاهك انني بك مغرم و الله يعلم أنني أهواكا

أنت الذي لولاك ما خلق امرؤ كلا و لا خلق الورى لولاكا

أنت الذي من نورك البدر اكتسى و الشمس مشرقة بنور بهاكا

أنت الذي لما رفعت الى السما بك قد سمت و تزينت لسراكا

انت الذى ناداك ربك مرحبا ولقد دعاك لقربه وحباكا

أنت الذى فينا سالت شفاعة ناداك ربك لم تكن لسواكا

أنت الذى لما توسل آدم من زلة بك فاز وهو أباكا

وبك الخليل دعا فعادت ناره بردا وقد خمدت بنور سناكا

ودعاك أيوب لضر مسه فأزيل عنه الضر حين دعاكا

وبك المسيح أتى بشيرا مخبرا بصفات حسنك مادحا لعلاكا

وكذاك موسى لم يزل متوسلا بك فى القيامة محتم بحماكا

والأ نبياء وكل خلق فى الورى والرسل والأملاك تحت لواكا

لك معجزات أعجزت كل الورى وفضائل جلت فليس تحاكا

نطق الذراع بسِمه لك معلنا والضب قد لباك حين أتاكا

والذئب جاءك والغزالة قد أتت بك تستجير وتحتمى بحماكا

وكذا الوحوش أتت إليك وسلمت وشكى البعير إليك حين رآكا

ودعوت أشجارا أتتك مطيعة وسمعت إليك مجيبة لنداكا

والماء فاض براحتيك وسبحت صم الحصى بالفضل فى يمناكا

وعليك ظللت الغمامة فى الورى والجذع حن إلى كريم لقاكا

وكذاك لا أثر لمشيك فى الثرى والصخر قد غاصت به قدماكا

وشفيت ذا العاهات من أمراضه وملات كل الارض من جدواكا

ورددت عين قتادة بعد العمى وابن الحصين شفيته بشفاكا

وكذا حبيب وابن عفر بعدما جرحا شفيتهما بلمس يداكا

و علي من رمد به داويته في خيبر فشفى بطيب لماكا

وسألت ربك في ابن جابر بعدما أن مات أحياه وقد أرضاكا

و مسست شاة لأم معبد بعدما ما نشفت فدرت من شفا رقياكا

و دعوت عام القحط ربك معلنا فانهال قطر السحب حين دعاكا

ودعوت كل الخلق فانقادوا الى دعواك طوعا سامعين نداكا

و خفضت دين الكفر يا علم الهدى ورفعت دينك فاستقام هناكا

أعداك عادو في القليب بجمعهم صرعى وقد حرموا الرضا بجفاكا

في يوم بدر قد أتتك ملائك من عند ربك قاتلت أعداكا

و الفتح جاءك يوم فتحك مكة و النصر في الأحزاب قد وافاكا

هود و يونس من بهاك تجملا و جمال يوسف من ضياء سناكا

قد فقت يا طه جميع الأنبيا طرا فسبحان الذي أسراكا

و الله يا يسين مثلك لم يكن في العالمين و حق من نباكا

عن وصفك الشعراء يا مدثر عجزوا و كلوا عن صفات علاكا

انجيل عيسى قد أتى بك مخبرا و لنا الكتاب أتى بمدح علاكا

ماذا يقول المادحون وما عسى أن تجمع الكتَب من معناكا؟!

و الله لو أنَ البحار مدادهم و الشجر أقلام جعلن لذاكا

لم تقدر الثقلان تجمع نزره أبدا و ما اسطاعوا له ادراكا

بك لي فؤاد مغرم يا سيدي و حشاشة محشوة بهواكا

فاذا سكتُ ففيك صمتي كله و اذا نطقت فمادحا علياكا

و اذا سمعت فعنك قولا طيبا و اذا نظرت فما أرى الاَك

ايا مالكي كن شافعي في فاقتي انيِ فقير في الورى لغناكا

يا أكرم الثقلين يا كنز الغنى جد لي بجودك و ارضني برضاكا

أنا طامع بالجود منك و لم يكن لأبي حنيفة في الأنام سواكا

فعساك تشفع فيه عند حسابه فلقد غدا متمسكا بعراكا

فلأنت أكرم شافع و مشفع ومن التجى بحماك نال رضاكا

فاجعل قراى شفاعة لي في غد فعسى أرى في الحشر تحت لواكا

صلى عليك الله يا علم الهدى ما حنَ مشتاق الى مثواكا

و على صحابتك الكرام جميعهم و التَابعين و كلَ من والاكا

المولد الشريف


أنقسم الرافضون للأحتفال بالمولد النبوي الشريف قسمين ، منهم من يقول بأن الأحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة ، و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار ، و منهم من يسأل هل أحتفل النبي أو آي من الصحابة بميلاده صلي الله عليه و سلم ؟ وبما أن الإجابة بلا ، فلا يصح الأحتفال به .
و اقول للقسم الأول أن البدعة في اللغة هي إيجاد علي غير مثال سابق . و قد ذكر البيهقي عن الأمام الشافعي قوله : المحدثات من الأمور ضربان ، 1- ما احدث مما يخالف الكتاب أو السنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة . 2 - ما أحدث من الخير و هي محدثة غير مذمومة . فمن البدع ما هو مذموم و ما هو ممدوح ، مثل ما قال عمر بن الخطاب في قيام شهر رمضان نعم البدعة هذه ، يعني انها محدثة ممدوحة و إن لم تكن موجودة من قبل .
و بناءا عليه فليست كل بدعة ضلالة لأن منها الحسن الذي لا يخالف حكما شرعيا ، و منها المخالف للشرع الذي يعد مذموما فلا يؤخذ به .
أما القول بأن النبي لم يحتفل بميلاده و لا الصحابة فعلوا ، فقد أتفق العلماء بأن الترك ليس مسلكا للإستدلال . فلكي نثبت حكما شرعيا سواء كان هذا الحكم واجب أو مندوب أو مباح أو مكروه أو محرم فلابد من 1- وجود نص من القرآن . 2- ورود نص من السنة . 3- إجماع علي حكم . 4- وجود قياس . إلخ ....و لكن لم يرد أن الترك مصدر من مصادر الحكم الشرعي ، و عليه فإن الترك من النبي أو من الصحابة لا يفيد تحريم أو كراهة .

ألم يقل المولي عز و جل في سورة إبراهيم (( و ذكرهم بأيام الله ))
ألم يقل النبي "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً". فمما لا شك فيه أن مولد النبي من أعظم أيام الله إن لم يكن أعظمها علي الأطلاق ، فيكون الأحتفال به تطبيقا لأمر الله و يكون بذلك سنة حسنة .
عندما استقر النبي صلي الله عليه و سلم بالمدينة ، و رأي اليهود يصومون يوم عاشوراء و سأل عن السبب ، قالوا إنه اليوم الذي نجي الله فيه موسي من فرعون و أغرقه ، فقال صلي الله عليه و سلم نحن أحق بموسي منهم و صام يوم عاشوراء و قال بانه سيصوم تاسعه و عاشره العام المقبل ؟ ألا يعد هذا أحتفالا !
و إذا كان مولده أعظم النعم علينا و الشريعة حثت علي إظهار شكر النعم ، أفلا نحتفل بمولده ! و هذا ما رجحه ابن الحاج في المدخل حيث قال : لأن في هذا الشهر من الله تعالي علينا بسيد الأولين و الآخرين ، فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات و الخير و شكر المولي علي ما أولانا به من النعم العظيمة .

و قد نقل السيوطي عن أبن الجوزي أنه صح أن ابا لهب يخفف عنه العذاب في النار يوم الأثنين ، لفرحه بولادة النبي ، و أنه أعتق ثويبة التي بشرته .
و في ذلك قال الحافظ شمس الدين الدمشقي :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه
و تبت يداه في الجحيم مخلدا
أتي أنه في يوم الأثنين دائما
يُخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره
بأحمد مسرورا ومات موحدا

الخميس، 25 فبراير 2010

فضل الصلاة علي النبي

من أراد أن يكفيه الله هموم الدنيا و الأخرة و يغفر له ذنبه فليصل علي إمام الأنبياء .
روى الترمذى عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه قال أبي قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي فقال ما شئت قال قلت الربع قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت النصف قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قال قلت فالثلثين قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت أجعل لك صلاتي كلها قال إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك . قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. وفى رواية للأمام احمد: قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتى كلها عليك؟ قال "إذن يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك".

الولاية / الإمارة / الرئاسة / المملكة

تولي سلمان إمارة المدائن رغم رفضه لها و ذلك لإصرار عمر بن الخطاب ، فقد كان سلمان يقول : إن استطعت أن تأكل من التراب فكل منه و لاتكونن أميرا علي أثنين .

جاء يومٌ زين فيه المغيرة بن شعبة لعمر بن الخطاب أن يختار ابنه خليفة ، فقال عمر : لا أرب – غرض – لنا في أموركم ، و ما حمدتها فارغب فيها لأحد من بيتي ، إن كان خيرا فقد أصبنا منها و إن كان شرا فبحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد .

عمر و الوالي و الرعية

لن أثقل عليكم اليوم ب قيل و قول فخير الكلام ما قل و دل ،سأكتفي بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه للوالي و ما قاله للرعية .
كان يقول للوالي : افتح لهم بابك و باشر امورهم بنفسك ، فانما انت رجل منهم غير أن الله جعلك أثقلهم حملا .
و كان يقول للرعية : إني لم أبعث إليكم الولاة ليضربوا ابشاركم – جلودكم – و يأخذوا أموالكم و لكن ليعلموكم و يخدموكم .

الأحد، 21 فبراير 2010

تقويم اعوجاج عمر

و لما سأل عمر الناس أن يدلوه علي عوجه و لو آذوه ، قال أحدهم : و الله لو علمنا فيك أعوجاجا لقومناه بسيوفنا . فحمد عمرُ الله أن جعل من المسلمين من يقوم اعوجاجه .
هل سمعتم عن حاكم أميرا كان أو ملكا أو رئيسا يحمد الله أن جعل من المسلمين من يقوم اعوجاجه ؟
أنتم عارفين إما إلي مستشفي الأمراض العقلية لأنه مجنون أو إلي السجن لأنه عميل .

جواب الآفاق و الولاية

نحلق اليوم مع جواب الآفاق ، و لمن لا يعلمون من هو جواب الآفاق ، فإنه سلمان الفارسي (( انتبه إنه ليس سليمان اياه بتاع الإسكان )) إنه سلمان الصحابي الذي قال فيه رسول الله - صلي الله عليه و سلم -سلمان منا آل البيت ، إنه سلمان الذي كان يفر من الإمارة و يقول (( ان استطعت ان تأكل من التراب فكل منه و لا تكونن اميرا علي اثنين ، و اتق دعوة المظلوم و المضطر فانها لا تحجب ))الراجل بيقول كل تراب و لا تكن أميرا علي أثنين ، النهارده عاوز يبقي أمير علي ثمانين مليون ، مع العلم أنه سيُسأل عن صغيرهم و كبيرهم سبابهم و عجوزهم و كل كبيرة و صغيرة .
روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل إلي سلمان ليتولي إمارة المدائن و لكن سلمان رفض ، و أصر عمر رضي الله عنه ، و أمام إصرار عمر ذهب سلمان تحمله دابته إلي الإمارة ، يصف أحد المؤرخين دخول سلمان المدائن فيقول (( رأيت سلمان الفارسي علي حمار عرة – بغير بردعة - و عليه قميص قصير ضيق ، و كان رجلا طويل الساقين ، كثير الشعر ، و قد ارتفع القميص حتي بلغ قريبا من ركبته ، و رأيت الصبيان يحضرون خلفه ، فقلت ألا تتنحون عن الأمير ؟ فقال : دعهم فانما الخير و الشر فيما بعد اليوم )) . و رتب عمر رضي الله عنه عطاء لسلمان خمسة آلاف و كان سلمان يوزعها علي الرعية ، و يأكل من جدل الخوص ، و لما أرادوا أن يقيموا له بيتا للإمارة رفض ، و لكن أحد الرجال أقنعه بحقيقة البيت الذي سيبني له قائلا : ألا أبني لك بيتا تستظل به من الحر ، و تسكن فيه من البرد ؟ فقال سلمان : نعم ، كيف تبنيه ؟ فقال : ابنيه ان قمت فيه أصاب رأسك ، و إن اضطجعت فيه أصاب رجلك .(( الظاهر كده ان الراجل ده كان يقصد يبني قبر مش بيت للسكن ، المشكلة أن الثاني وافق و كان مبسوط )) فقال سلمان نعم . و كان سلمان يخرج كل يوم في إمارته يختلط بالناس و في يوم لقيه رجل قادم من الشام و معه حمل تين و تمر فلم يكد يبصر امامه رجلا يبدو عليه انه من عامة الناس و فقرائها حتي بدا له أن يضع الحمل علي كاهله ، حتي إذا أبلغه وجهته اعطاه شيئا نظير حمله . و اشار الرجل فاقبل عليه سلمان ، فقال الشامي احمل عني هذا ، فحمله . و إذ هما في الطريق بلغا جماعة من الناس ، فسلم عليهم فأجابو ا واقفين : و علي الأمير السلام .أمير ؟أمير ايه ؟
آي أمير يعنون ؟ هذا ما سأل الشامي نفسه ، و جاءت الإجابه حين رأي بعضا من هؤلاء يسارع صوب سلمان ليحمل عنه : عنك أيها الأمير .فعلم الشامي أنه أمير المدائن سلمان الفارسي ، فسقط في يده و اقترب ينتزع الحمل و لكن سلمان هز رأسه رافضا و هو يقول : لا .. حتي ابلغك منزلك .

روي أن رجلا دخل علي سلمان فرآه يعجن ، فقال : يرحمك الله أيها الأمير ، أين الخادم ؟ فقال سلمان : بعثناها لحاجة فكرهنا أن نجمع عليها عملين .

يدخل سعد بن أبي وقاص علي سلمان الفارسي يعوده في مرض الموت ، فوجده يبكي : فقال سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ توفي رسول الله صلي الله عليه و سلم و هو عنك راض ، و تلقي أصحابك و ترد علي الحوض . فقال سلمان : و الله ما ابكي جزعا من الموت ، و لا حرصا علي الدنيا ، و لكن رسول الله صلي الله عليه و سلم عهد إلينا عهدا فقال : (( لتكن بلغة – ما يكفي لسد الحاجة ، و لا يفضل عنها - أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب )) و انا حولي الأساود . قال سعد : فنظرت فلم أر إلا إكافا و وطاء و متاعا قوَم نحوا من عشرين درهما .
أوشك الكتاب أن يبلغ أجله فقال سلمان لزوحته : هلمي خبيك الذي استخبأتك .(( انا قلت في نفسى الراجل مخبي الذهب سبائك و القلوس بالقناطير و اوراق ملكية الأراضي )) .
قالت : فجئته بصرة مسك . قال : ائتيني بقدح فيه ماء ، فنثر المسك فيه ثم أذابه بيده ثم قال : أنضحيه حولي ، فانه يحضرني خلق من خلق الله يجدون الريح و لا يأكلون الطعام ، ثم أغلقي علي الباب و أنزلي .
قالت : ففعلت ، و جلست هنيهه فسمعت هسهسة ، فصعدتُ فإذا هو قد مات . رحمة الله عليك يا منة آل البيت .
السؤال الذي شغلني : هل من وال أو حاكم للمسلمين اليوم يمكنه أن يكون مثل سلمان ؟
و لما لا ؟ و هل من رجل مثل عمر يعرف كيف يختار ولاة المسلمين ؟ لم يكن عمر يكتفي بارسال الولاة و ينتهي دوره ، و لكنه كان يرسل العيون من خلفهم و يتقصي افعالهم و اعمالهم مع الرعية ، أليس هو القائل : لو عثرت دابة في العراق لسئل عمر عنها لما لم تمهد لها الطريق ؟
إن لم تكونوا من الرجال فتشبهوا ، إن التشبه بالرجال فلاح .