تولي الفاروق عمر بن الخطاب خلافة المسلمين من 13 ه إلي 23 ه ، اي مدة 10 سنوات
وفي عهده فُتحت العراق ومصر وليبيا والشام وفلسطين وصارت القدس تحت ظل الدولة الإسلامية والمسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين تحت حكم المسلمين وفي عهده قضى على أكبر قوتين عظمى في زمانهِ دولة الروم ودولة الفرس مع أنه القائد الزاهد الذي ينام تحت الشجرة ويطبخ للفقيرة أم اليتامى وينفخ لها حتى تطعم صغارها. كان عمر إذا استعمل عاملا أحصي ماله ، و ارسل العيون من حوله .
1 - مر عمر يوما ببناء يبني بحجارة و جص ، فسأل : لمن هذه ؟
فذكروا له عاملا له علي البحرين . فقال : أبت الدراهم إلا أن تخرج أعناقها . و شاطره ماله .
2 - لم يكن جميع من ولاهم عمر امارات علي نموذج واحد ، بل وجد من بينهم من كان يطمع في الدنيا فيبني بيتا علي رابية و يضع له بابا ، و ما أن علم عمر بأمر العُلية ، حتي أمر بكتابة استدعاء لهذا الوالي ، و قال لحامل الرسالة : إذا جئت باب عليته فاجمع حطبا و أحرق باب العُلية . فدخل الناس علي الوالي و قالوا له (( إن ها هنا رجلا يحرق باب عُليتك )) فقال : دعوه فانه رسول أمير المؤمنين . فدخل رسول عمر و ناول الرسالة العمرية للوالي و بها أمر من عمر بالحضور الفوري ، فلم يضع الوالي الرسالة من يده حتي ركب إلي الخليفة . فلما رأه عمر قال : أحبسوه عني في الشمس ثلاثة أيام ، فلما مرت الثلاث ناداه عمر : يابن قرط ... الحقني إلي الحرة ( مكان به إبل الصدقة و غنمها ) حتي إذا جاء الحرة ، ألقي عمر علي الوالي جبة و قال : انزع عنك ثيابك و أتزر بهذه ، ثم ناوله الدلو و قال : اسقي الإبل . فلم يفرغ حتي تعب ، فقال عمر : يا بن قرط متي كان عهدك بهذا ؟ قال : مليا (( أي زمانا ) يا أمير المؤمنين . فقال عمر : فلهذا بنيت العُلية ، و أشرفت بها علي المسلمين و الارملة و اليتيم ، ارجع إلي عملك و لا تعد .
كان عمر رضي الله عنه شديد التحرج في مال المسلمين ، حريصا عليه يأخذه بحقه و يدفعه إلي أهله ، و لكي يستطيع أن يطبق ذلك علي المسلمين ، فكان لابد أن يكون هو نفسه مضرب المثل في نفسه و في أهل بيته ، لذلك كان يجمع أهل بيته و يقول : إني قد نهيت الناس عن كذا و كذا و أن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلي اللحم ، فإن وعتم وقعوا و إن هبتم هابوا ، و أني و الله لا أُتي برجل منكم وقع فيما نهيت عنه إلا ضاعفت له العذاب لمكانه مني ، فمن شاء منكم فليتقدم و من شاء فليتأخر ))
3 - روي أن عبد الله و عبيد الله ابنا عمر خرجا في جيش إلي العراق ، فلما قفلا مرا علي أبي موسي الاشعري و هو أمير البصرة فرحب بهما و قال لهما : لو أقدر لكما علي أمر انفعكما به لفعلت ، و لكن ها هنا مال من مال الله أريد أن ابعثه إلي أمير المؤمنين ، اسلفكماه فتبتاعان به من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة ، فتؤديان رأس المال إلي أمير المؤمنين و يكون لكما الربح ، و كتب إلي عمر أن يأخذ منهما المال ، فلما قدما علي عمر قال : أكل الجيش اسلف كما اسلفكما ؟ فقالا : لا . فقال عمر : أديا رأس المال و ربحه . فسكت عبد الله و لكن عبيد الله قال : ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين ، لو هلك المال أو نقص لضمناه . فأعاد عمر مقالته : أديا المال . فقال رجل من جلساء عمر : يا أمير المؤمنين لو جعلته قرضا . فقال عمر : قد جعلته قرضا . فأخذ عمر المال و نصف ربحه ، و أخذ عبد الله و عبيد الله نصف الربح .
4 - جاء بريد الروم إلي عمر رضي الله عنه فاستقرضت زوجته دينارا و أشترت به عطرا و جعلته في قوارير و بعثت به مع البريد إلي أمرأة ملك الروم التي أفرغت الزجاجات و ملأتهن جواهر و قالت : اذهب به إلي أمرأة عمر ، فلما اتاها أفرغتهن أمرأة عمر علي البساط ، فدخل عمر فقال : ما هذا ؟ فاخبرته . فأخذ عمر الجواهر و باعها و دفع إلي زوجته دينارا و جعل ما بقي في بيت مال المسلمين .
5 - روي عن عبد الله بن عمر أنه قال : أشتريت إبلا و سقتها إلي الحمي ، فلما سمنت قدمت بها ن فدخل عمر السوق فرأي إبلا سمانا فسأل لمن هذه ؟ فقيل لعبد الله بن عمر . فجعل عمر يقول : بخ بخ ( كلمة تقال عند الآعجاب بشيء ) ابن أمير المؤمنين . يقول عبد الله فجئته أسعي : مالك يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : ما هذه الإبل ؟ فقلت : إبل اشتريتها هزيلة و بعثت بها إلي الحمي ابتغي ما يبتغي المسلمون . فقال عمر : ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين ، و أسقوا إبل ابن أمير المؤمنين . يا عبد الله خذ رأس مالك و اجعل الربح في بيت مال المسلمين .