من واقع مذكرات قائد جبهة سيناء ، الفريق عبد المحسن مرتجي ، في يوم 4 يونية 1967 يقول (( مضي ثلاثة أسابيع علي رفع درجات الاستعداد للقوات و فتحها تعبويا في سيناء و لم تستقر الأوضاع بعد ، و لم تنته القيادة العليا إلي قرار حاسم واضح . فمرة يركز المجهود الرئيسي للدفاعات في القطاع الأوسط ، و أخري يوجه الأهتمام إلي الغردقة ، فترسل لها القوات البرية و البحرية و الجوية ، و مرة و بناءعلي تدخل الزعامة السياسية يتولي الأهتمام إلي شرم الشيخ ثم إلي القطاع الشمالي ثم تتوهم القيادة العليا بناء علي نصيحة تقدم لها أن القطاع الجنوبي لا يقل أهمية عن غيره إن لم يكن يفوقها ، فتأخذ بفكرة الهجوم المدرع المكثف المعادي من هذا الاتجاه ! ))
(( و في كل مرة ترسل القوات و تعزز و تجري تحركات بالعرض و الطول في أنحاء سيناء دون توقف و دون هدف ! و أستدعي كل هذا تغييرا في القيادات و تعديلا في المهام و القيادة العليا تتمركز في القاهرة )) . ثم يحدثنا الفريق مرتجي عن القوات الاحتياطية فيقول أنها (( دفعت إلي الميدان بمجرد تعبئتها ، و وصل تعدادها إلي أكثر من نصف إجمالي أفراد المسرح ، فقد بلغ عدد أفراد الاحتياط 1039 ضابطا و 80650 رتبة أخري ، من جملة 130000 - ثمانون ألف من مائة و ثلاثون ألف - )) و معظم أفراد الاحتياط لم ينالوا أي حظ من التدريب من سنين طويلة ، حتي أن بعضهم لم تتح له الفرصة لارتداء ملابسه العسكرية فوصل إلي الميدان بملابسه المدنية .
أما عن أوضاع القوات البرية فقد ذكر الفريق مرتجي الآتي (( وحدات تأخذ أوضاعها في الأماكن المخصصة لها ، و تتفهم مهامها ، و تلم بطبيعة الأرض و بأوضاع القوات المجاورة و موقف العدو .... لكن لا تلبث أن تصدر لها الأوامر بترك أمكانها إلي أماكن جديدة غريبة عليها ، و تخصص أماكنها القديمة لوحدات جديدة بنفس الحجم ! و وحدات تقطع مئات الكيلو مترات دون أن تستقر علي حال !)) .
أما القوات البحرية ، فقد توزعت علي البحر المتوسط و البحر الأحمر . و قد أرسل القسم الأكبر منها و الأكثر فاعلية إلي البحر الأحمر ، تحت تأثير فكرة خاطئة و توهم بأن عمليات اسرائيل سوف توجه ضد شرم لشيخ و الغردقة . فبقي القسم الرئيسي دون استغلال ، بينما القسم الأخر الذي أحتفظ به في البحر المتوسط يمثل قطعا غير صالحة للعمل ، بسبب كفائتها الفنية ، و لا توفر تفوقا معينا علي البحرية الاسرائيلية ، مما جعلها لا تحرك ساكنا ... و بذلك فقدت القوي البحرية تفوقها البحري الذي كانت تمتلكه قبل الحرب !
أما القوات الجوية فحدث يا مولانا و لا حرج فقد ذكر الفريق مرتجي أن عدد الطائرات التي كانت صالحة للقتال من مقاتلات و مقاتلات قاذفة كان 170 طائرة ، و عدد القاذفات 96 من مختلف الأنواع . و كان عدد الطيارين أقل من عدد الطائرات .و كانت وحدات اصلاح المطارات و الممرات ينقصها معدات الاصلاح الحديثة . و لم يكن الدفاع المضاد للطائرات علي المطارات كافيا ، و بعض المطارات تركت بلا أسلحة مضادة للطائرات ، و ما وجد كانت رشاشات لا تصلح إلا لهجوم منخفض . أما الرادرات فلم تكن لتكشف عن طائرات معادية تطير علي ارتفاع أقل من 500 متر .
هذا حالنا يوم 4 / يونية قبل النكسة أو الهزيمة أو المرارة سمها ما شئت ، و لكن الحقيقة كما تراها كارثة .
الأحد، 12 يونيو 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق