الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

محاولة تحليل الثغرة

















إذا كانت القوة الإسرائيلية التي يقودها ثلاث جنرالات هم شارون و ادان و ماجن قد تمكنت من الوصول لمشارف الإسماعيلية شمالا والسويس جنوبا مطوقة بذلك الجيش الثالث .
فقد فشل شارون من دخول الإسماعيلية يوم 22 أكتوبر بسبب بسالة رجال الصاعقة و المظلات المصريين الذين أنيط لهم دور الدفاع عن الإسماعيلية ، و بسبب حسن توقع اللواء عبد المنعم خليل القائد الجديد للجيش الثاني لمحاور الهجوم وتركيزه في الدفاع عن تلك المحاور ، فلم يحاول شارون مرة أخري مهاجمة الإسماعيلية بعد أن كبدته قوات الصاعقة و خاصة المجموعة 127 صاعقة بقيادة العميد أسامة إبراهيم خسائر كبيرة .
أما الجنرال ادان و من خلفه الجنرال ماجن اللذين انطلقا بفرقهم المدرعة تجاه السويس لاحتلالها بعد أن استمع لنصيحة الجنرال بارليف القائد الفعلي للقيادة الجنوبية الإسرائيلية ، والذي أعطاه الاختيار (( إذا كانت بئر سبع فتقدم ، إنما إذا كانت ستالنجراد فلا تتقدم (( أي إذا كان احتلال السويس مثل بساطة احتلال بئر سبع عام 1948 فليتقدم ، أما إذا كانت عنيدة و صلبة كستالنجراد فلا تتقدم .
وتوقع ادان أن تكون السويس مثل بئر سبع فتقدمت دباباته ترفع أعلام المغرب والجزائر لخداع أي قوة مقاومة بالمدينة ، ورغم القصف الجوي العنيف للسويس يومي 22 و 23 إلا أن قوات المقاومة الشعبية تعاونها وحدات من الفرقة 19 مشاه متخصصة في اصطياد الدبابات تمكنت من صد التوغل الإسرائيلي علي كل المحاور ، و كبدت الدبابات الإسرائيلية خسائر كبيرة ، و أيضا سقط العشرات من جنود المظلات الإسرائيليين قتلي في معارك ضارية بين البنايات وداخلها ، فقد كانت معركة من شارع لشارع ومن بناية لأخرى .
وبعد فشل هجومه تأكد ادان أن السويس لم تكن بئر سبع ولم تكن ستالنجراد ، إنما وضعت السويس أسمها في موقع جديد لمدينة باسلة هب شعبها مع جنود جيشها للدفاع عنها ومنع سقوطها .

ما بعد فشل سقوط الإسماعيلية و السويس .
بحياديه تامة نستطيع أن نؤكد أن القوات الإسرائيلية قد وضعت نفسها بدءا من يوم 25 أكتوبر في وضع عسكري قاتل لها من كل النواحي ، فلم يكن لديها حل سوي الثبات في موقعها والبدء في معركة صبر وتحمل و استنزاف ، مما يعني الاستمرار في حاله تعبئة عسكرية طويلة وهو ما كان يعني إضعاف الاقتصاد الإسرائيلي أكثر و أكثر .

الوضع العسكري الإسرائيلي :
1-فقدت القوات الإسرائيلية قوة الهجوم ، و أُجبرت علي التوقف لعدم وجود أهداف يمكن التقدم نحوها لتحقيق هدف عسكري أو إعلامي .
2- تحتل القوات الإسرائيلية مساحة اكبر بكثير من حجم القوات الموجودة فعليا داخل الثغرة ، مما يعني عدم تحكمها الكامل في كل المناطق ، وهذا يؤدي إلي سهولة تسلل عناصر الصاعقة المصرية إلي قلب معسكرات القوات الإسرائيلية وقطع خطوط الإمداد الحيوية لها ، وهو ما حدث في الفترة من أول نوفمبر 73 و حتى يناير 74 .
3- القوات الإسرائيلية تتنفس عبر ممر ضيق عرضه 10 كيلو مترات في منطقة الدفرسوار وهو الممر الوحيد البري المؤدي إلي القوات داخل منطقه الثغرة ، وهو وضع خاطئ .
4- القوات الإسرائيلية لا يمكنها التقدم تجاه القاهرة غربا لوجود الفرقة الرابعة المدرعة ، ولا يمكنها التقدم تجاه الإسماعيلية شمالا لوجود ترعة الإسماعيلية كمانع طبيعي ، ومن أمامها قوات صاعقة ومظلات مدربة علي اصطياد الدبابات ، ولا يمكنها التقدم جنوبا بحذاء البحر الأحمر لعدم وجود أهداف تكتيكية أو إستراتيجية مهمة لها في الجنوب غير مدينه الغردقة و التي تبعد مائتي كيلو متر تقريبا ولا تمثل آي أهمية إستراتيجية أو عسكرية.
5- تعاني القوات الإسرائيلية من طول خطوط الإمدادات لها ، والتي تمتد من الطاسه علي المحور الأوسط لمسافة طويلة جدا إلي الثغرة ، وتلك الخطوط معرضة لقطع بقوات الفرقة 16 مشاه شرق القناة .

وضع القوات المصرية :
إذا كانت القوات المصرية قد عانت بدءا من يوم 14 أكتوبر من قرارات القيادة العامة الخاطئة (( من قرار تطوير الهجوم الخاطئ ومرورا بالتعامل الخاطئ مع الثغرة )) .
فقد كانت الفترة من 14 إلي 25 أكتوبر فترة تخبط ، لكن بعد أن توقفت القوات الإسرائيلية و نفذت أهدافها وفشلت في احتلال الإسماعيلية والسويس بدأت القيادة المصرية في اتخاذ قرارات صحيحة وتمثل ذلك في الآتي :
1- سحب قيادة و أفراد الفرقة 21 المدرعة ، بدون دبابات إلي الغرب مرة أخري ، و إعادة تجميع الفرقة في منطقة أبو سلطان مرة أخري ( كما أراد الفريق سعد الشاذلي يوم 17 أكتوبر ) .
2- ارتداد حائط الدفاع الجوي للنسق الثاني واستمرار عمله بنجاح رغم الخسائر .
3- سحب مجموعات اقتناص الدبابات من الشرق و إعادة تكوينها تحت قياده الجيش الثاني .
4- إعادة تكوين الفرقة 23 مشاه ميكانيكي والفرقة 6 مشاه ميكانيكي مرة أخري وذلك بناء علي الإمدادات السوفيتية التي بدأت في الوصول بفاعليه بعد انتهاء القتال يوم 25 أكتوبر .
5- إعادة تجميع الفرقة الرابعة المدرعة في نطاق الجيش الثالث الميداني تحت القيادة العامة مباشرة بعد أن تم تغيير مسمي قوات الجيش الثالث شرق القناة إلي اسم قوات بدر .
6- حشد فرقة مشاه جديدة ، تتكون لواء مشاه مغربي ولواء مشاه مختلط من كتائب سودانية و إماراتية و فلسطينية وكويتية ، ووضعها في نطاق الجيش الثالث وتدعيمها بالمدفعيات اللازمة .
7- إعادة تدعيم الفرقة 16 مشاه شرق القناة ، بعد الخسائر التي تعرضت لها في معارك طاحنه أيام 15 و 16 و17 أكتوبر .
8- وضع اللواء المدرع الجزائري علي طريق السويس لصد أي هجوم إسرائيلي تجاه القاهرة .
و بلغة بسيطة أمكن للقوات المصرية في أول ديسمبر 1973 من تحقيق التوازن للقوات المصرية شرق القناة وغربها وتكوين قوة مدرعة و ميكانيكية كبيرة غرب القناة تحت مظلة حائط الصواريخ و في ظل خطوط إمداد قصيرة جدا .
وليس أدل علي ذلك مما قاله اللواء كمال حسن علي مدير إدارة المدرعات في حرب أكتوبر ، لكي يخبرنا في مذكراته عن كيفية استعادة الفرق المدرعة و الميكانيكية كفاءتها بسرعة .
فيقول في مذكراته (( مشاوير العمر – أسرار وخفايا 70 عام من عمر مصر)) في صفحه 354
(( يوم 26 أكتوبر قمت بزيارة الفرقة الرابعة المدرعة التي تم إمدادها بعدد كبير من الدبابات التي تم إصلاحها ، كما زرت اللواء المدرع الجزائري وقد تمركز فوق جبل غره جنوب الثغرة ، وكان المنظر من فوق الجبل لأرض المعركة يؤكد إمكانية تدمير القوات الإسرائيلية داخل الثغرة بسهوله حيث كان عرض المنطقة التي عبرت منها القوات الإسرائيلية في الدفرسوار 7 كيلومترات فقط ، وقد قامت لجنه من الكونجرس الأمريكي بزيارة الموقع يوم 7 نوفمبر بصحبة اللواء سعد مأمون و خرجت بانطباع يؤكد ضرورة التسوية السلمية لهذا الصراع ، لان القوات الإسرائيلية المحصورة داخل الثغرة أصبحت في حصار أوشك أن يكتمل ))
(( و في السابع من نوفمبر كنت في زيارة لوحدات شرق القناة وسمعت تصريحا لموشي ديان في الإذاعة الإسرائيلية يقول فيه أن مصر أكملت دفع الجيش الرابع الميداني حول الثغرة ، ولقد سعدت بهذا القول جدا حيث لم يكن الجيش الرابع في واقع الأمر سوي الإمدادات التي تلقيها إدارة المدرعات إلي الجبهة باستمرار تعويضا لخسائر القتال ، بعد أن وصل إلي مصر من يوغوسلافيا 94 دبابة جاهزة لركوب أطقمها ، كما استقبلنا لواء مدرع من ليبيا بدون أفراد ، علاوة علي وصول مدافع اقتحام من الجزائر ، وبعد زيارة بومدين إلي الاتحاد السوفيتي وصل إلينا 200 دبابة تي 62 خصصت بالكامل لدعم الفرقة 21 المدرعة ، حيث تركت دبابات الفرقة 21 المتبقية لدعم رأس جسر الفرقة 16 ، وعادت الفرقة 21 بدون دبابات إلي منطقه تمركزها الجديدة ، و تم تدريب أفرادها علي الدبابات الجديدة من طراز تي 62 خلال أسبوع واحد فقط ، ثم دُفعت الفرقة 21 إلي الجبهة مرة أخري علي مدار ثلاث أيام ، و أثارت غبارا يزيد طوله علي 30 كيلو متر ، و كان أخر يوم لوصولها هو 7 نوفمبر ، وهو ما واكب تصريح ديان بأن الجيش الرابع قد اكتمل حول الثغرة)) في هذه السطور نستطيع أن نتعرف تماما علي الحالة النفسية لوزير الدفاع الإسرائيلي ، الذي ظن أن إعادة تجهيز الفرقة الرابعة و الفرقة 21 المدرعتين هو بمثابة تجهيز جيش جديد يُسمي الجيش الرابع وهو ما لم يكن له وجود حقيقي )) .

الخطة شامل و تطورها .
رغم بدء سريان وقف إطلاق النار فعليا يوم 25 أكتوبر 1973 وبدء توافد قوات الأمم المتحدة علي المنطقة إلا أن الجبهة لم تكن هادئة بالمرة ، فالقوات المصرية الخاصة تقوم بعمل الكمائن لعربات الإمداد .
ذكر المؤرخ جمال حماد في كتابه المعارك الحربية علي الجبهة المصرية )) انه فور استعادة القوات المصرية لتوازنها بعد فشل القوات الإسرائيلية احتلال السويس ، فقد بدأت حرب استنزاف ثانية شملت 1500 اشتباك وقصف مدفعي شارك فيه مع القوات المصرية قوات من الجزائر والمغرب ، و أدت تلك الاشتباكات إلي الآتي :
- تدمير 11 طائرة و41 دبابة وعربة مجنزرة و10 رشاشات ثقيلة.- تدمير 36 بلدوزر و معدة هندسية وعربة ركوب.- إصابة ناقلة البترول الإسرائيلية (سيرينا) بعطب جسيم.- إغراق قارب إنزال بحري.- قتل 187 فرد إسرائيلي فضلا عن مئات الجرحى.
وذلك خلال 440 عمليه هجوميه مصريه من شرق وغرب القناة .
لقد كان التخطيط والاستعداد للخطة شامل يسير جنبا إلي جنب مع حرب استنزاف طاحنة ، أبطالها بلا منازع رجال الصاعقة و المظلات التي عملت داخل عمق العدو ، و أحالت حياته إلي جحيم لدرجة أن عناصر الاستطلاع والمخابرات رصدت شيئين جديرين بالاهتمام :
الأول : أن القوات الإسرائيلية تنتشر نهارا ، و تعود إلي معسكراتها ليلا خوفا من الكمائن الليلية لقوات الصاعقة ، مما جعل دوريات إمداد الجيش الثالث السرية تسير بانتظام تام بعيدا عن القوافل التي تكون تحت سيطرة الأمم المتحدة وتحاول إسرائيل عرقلتها .
الثاني : تم رصد عملية زرع ألغام هستيرية تقوم بها القوات الإسرائيلية حول معسكرات قواتها ، و أن معدلات نشر الألغام تماثل ما قام به روميل بعد معركة العلمين ، وهي نسبة كبيرة مرجعها الخوف والرعب الشديد للقوات الإسرائيلية داخل الثغرة .
نعود إلي الخطة شامل التي وضعها اللواء سعد مأمون لتصفيه الثغرة ، و شارك فيها اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث ، الذي يطلعنا في مذكراته بدءا من صفحه 325 ، علي حقائق جديدة تتعلق بتعديلات جوهرية في الخطة قبل عرضها علي الرئيس :
منها إغلاق الفاصل بين قوات الجيشين الثاني و الثالث شرق القناة وغربها والتي تمتد إلي 30 كيلو متر هي طول البحيرات المرة ، وتحديد مسئوليات القادة ، لتجنب عيوب ترك تلك المساحة خالية شرق القناة مما جعل العدو يستغلها بحرية تامة .
و طبقا لكلمات اللواء عبد المنعم واصل ، فقد تم استقطاع قوات محددة من القوات الرئيسية ، بهدف حصار قوات العدو ومنعها من التوسع في أي اتجاه و هي كالآتي :
1- اللواء المغربي في منطقة بير عديب علي خليج السويس لمنع العدو من التوسع جنوبا .
2- اللواء المدرع الجزائري و معه اللواء السادس ميكانيكي والكتيبة 339 ميكانيكيه من اللواء 113 ميكانيكي تحتل النطاق الدفاعي الثاني للجيش الثالث من جبل عتاقة و حتى المدقات 12 و 13و 14 .
3- اللواء 18 ميكانيكي من الفرقة 21 المدرعة و معه اللواء 182 مظلات ( البعض يطلق عليه اللواء 150 ) واللواء 116 ميكانيكي تحتل المنطقة شرق جبل شبراويت إلي جنوب الإسماعيلية .

حددت خطة "العملية شامل2 " مهاجمة القوات الإسرائيلية في الغرب من 5 محاور محددة ،
ويمكن استنتاج نتائج المعركة وفق أوضاع القوات المتحاربة في ذلك الوقت .

المرحلة الأولي: ( تصفيه القوات الإسرائيلية غرب القناة ) .
1. الاتجاه الأول ضربة من الجانب الأيمن لرأس كوبري الفرقة 16 (من الشرق) في اتجاه جنوب غرب، بهدف إغلاق ثغرة الاختراق من الشرق وتصفيتها ، و من المتوقع أن يقوم بهذه الضربة اللواء 22 مدرع ، والذي الحق علي الفرقة 16 مشاه بالتدريج من الفرقة الثانية مشاه نظرا لتحرج موقف الفرقة 16 مشاه طوال أيام القتال في الثغرة .
ونظرا لتوقع إسرائيل مثل هذا الهجوم فأنه كان من المتوقع ألا يكون ناجحا 100% نظرا لوجود عدد كبير من المدرعات الإسرائيلية تقاتل في معركة حياة أو موت لعدم غلق المحور المؤدي إلي غرب القناة ، ولكنه كان من المحتمل أن يضع القوات المصرية في موقف أحسن كثيرا ، لتهديد محور الإمداد الإسرائيلي الهام ، و من ثم تقليل أو تعطيل جزء كبير من تلك الإمدادات .
2. الاتجاه الثاني ضربة على محور أبو سلطان ، في اتجاه الدفرسوار، لتصفية قاعدة الثغرة التي يرتكز عليها إمدادها من الشرق إلى الغرب ( نطاق عمل مجموعة شارون ) ، وتقوم بتلك المعركة الفرقة 21 المدرعة و المكونة من 250 دبابة تقريبا ، مقابل مجموعة شارون المدرعة المكونة من عدد مماثل تقريبا ، وكان من المتوقع أن تكون تلك معركة تكسير عظام بشكل رهيب حيث أن شارون ليس لديه القدرة علي المناورة بقواته في تلك المنطقة الضيقة ، لذا سيكون دفاعه بالمواجهة مع الدبابات المصرية التي تتوجه إلي نقطة الدفرسوار الرئيسية لتدمير الجسر وعزل القوات
الإسرائيلية تماما شرق القناة ، وكان مخططا أيضا أن تقوم عناصر الصاعقة بالضغط علي قوات شارون من تجاه الإسماعيلية لتثبيت جزء من قواته لتسهيل مهمة الفرقة 21 المدرعة ، ومن ناحية أخري فان معرفة الفرقة 21 الواسعة لأرض المعركة المتوقعة كانت ستشكل عاملا في اختيار محاور الهجوم الثانوية للوصول إلي الأهداف مع استخدام وحدات المشاة الموجودة باللواء 18 ميكانيكي من الفرقة 21 في اكتساب أراضي والتمسك بها .
وتكون الفرقة 23 ميكانيكي نسق ثان للفرقة 21 المدرعة لتعزيز هجومها والتدخل في حالة أي طارئ يستوجب ذلك .
3. الاتجاه الثالث ضربة على محور طريق جنيفة ، في اتجاه البحيرات المرة الصغرى، لتصفية القوات الموجودة من فايد و حتى منطقة الجناين، وتقوم بها الفرقة الثالثة مشاه ميكانيكي بهدف عزل قوات الجنرال شارون عن قوات الجنرال ادان و قوات الجنرال ماجن في الجنوب ، و نظرا لوجود زراعات كثيفة بتلك المناطق تم اختيار الفرقة الميكانيكية الثالثة لكي تستطيع وحدات المشاة الانتشار في الزراعات ، وتكوين خطوط دفاعية محمية في حالة وجود هجوم مضاد من الجنوب أو من الشمال ، و تلك المهمة كانت ستكون أسهل المهام في الخطة حيث أن تلك المناطق التي كانت ستتحرك لها الفرقة الثالثة كانت ضعيفة الدفاع الإسرائيلي من حيث أن مساحة الأرض المحتلة من جانب القوات الإسرائيلية كانت كبيرة جدا مقارنة بحجم القوات الموجودة بها ، لذلك كان من السهل تجنب أماكن تمركز القوات الإسرائيلية والتحرك في محاور شبه خالية لتحقيق هدف قطع وعزل القوات الإسرائيلية عن بعضها البعض ، وقوات الجنرال ماجن هي القوات المتواجدة بتلك المنطقة ، وهي قوات جديدة لم تشارك في معارك كثيرة وخبرتها بالأرض منعدمة .
4. الاتجاه الرابع ضربة على محور طريق السويس، طريق 12 (الضربة الرئيسية)، لتصفية القوات الموجودة من الشلوفة و حتى السويس، وفك حصار السويس، وتقوم بها قوات الفرقة الرابعة المدرعة في مواجهة فرقة ادان مباشرة ، وهي أيضا معركة تكسير عظام ، وهدفها الدعائي فك الحصار عن السويس .
ويمكن توقع أن الفرقة الرابعة المدرعة كانت قد تتمكن من فتح طريق للسويس وفك الحصار عنها ، لكن في نفس الوقت لا يمكن الادعاء بقدرتها الكاملة علي تدمير فرقه ادان المقاتلة والخبيرة بالحرب و المتمرسة علي القتال من أول يوم قتال .
وتكون فرقة المشاة المكونة حديثا من لواء جزائري ووحدات كويتية و سودانية هي النسق الثاني للفرقة الرابعة المدرعة .
5. الاتجاه الخامس ضربة على المحور الساحلي الموازي لخليج السويس من الجنوب إلى الشمال، لتصفية القوات الموجودة جنوب السويس وفي الأدبية ، وهي ضربة ثانوية يقوم بها اللواء المغربي بهدف فتح طريق إمداد جنوبي لمدينة السويس ، و أيضا تثبيت قوات إسرائيلية لتأمين جنب الفرقة الرابعة المدرعة في هجومها ، ويمكن توقع نجاح هذا اللواء في تحرير ميناء الأدبية والوصول لمشارف مدينه السويس من الجنوب .
تحليل الخطة شامل :
* الخطة شامل وضعت علي أسس جيدة ، فهناك الحشد للقوات في محاور محددة ، وهناك تركيز لقوة الهجوم في تلك المحاور مما يزيد من فرص نجاحها في تنفيذ الأهداف الموكولة لها .
* القوات المصرية المدربة جيدا قبل حرب أكتوبر اكتسبت رصيدا هائلا من الخبرات طوال أيام القتال و أصبحت بتلك الخبرات قوات متمرسة علي الحرب المتحركة ، وعلي علم بالتكتيكات الإسرائيلية المتبعة .
* محاور هجوم القوات المصرية قصيرة و أهدافها قريبة و معروفة و مدروسة جيدا ، مما يعني أن زخم الهجوم لن يحتاج إلي قوه صغيرة لصده ، إنما يحتاج إلي قوات إسرائيلية كبيرة لوقف أي محور من المحاور .
* تناست إسرائيل المبدأ العسكري الهام )) إذا أردت أن تكون قويا في كل مكان ، فستصبح ضعيفا في كل مكان (( ،أي أنها أغفلت مبدأ الحشد للقوات ، فمن الواضح أن المساحات التي اكتسبتها القوات الإسرائيلية للوصول إلي السويس و الإسماعيلية انقلبت لتكون عبئا إداريا وعسكريا علي القيادة الإسرائيلية ، فاللواء المدرع الإسرائيلي المفترض أن يحتل مواجهه تصل إلي عشرة كيلو متر مثلا ، أصبح مكلفا بأن يكون علي خط مواجهه لعشرين كيلو متر ، مما يعني تواجد فواصل بين كتائبه مما يجعل قوة صده للهجوم تضعف إلي الثلث ، فبدلا من تصد دباباته المائة تقريبا هجوما في قطاع ما ، أصبح قوة الصد ثلاثين دبابة فقط .
مما يعني أن القوات المدرعة الإسرائيلية الموجودة في الثغرة والتي تتكون من 3 مجموعات عمليات والتي تتكون من 6 الويه مدرعة بأجمالي 600 دبابة تقريبا بالإضافة إلي لواء مظلات ولواءين ميكانيكيين ، تلك الدبابات بدلا من أن يتم حشدها في مواجهة واحدة لصد هجوم مصري ، استوجب تأمين مناطق الاحتلال الجديدة أن تكون تلك الدبابات موزعة علي مواجهة كبيرة مما قلص من قوتها ومن تأثير هجماتها المضادة .
* اعتمدت الخطة شامل علي استغلال عيوب الموقف العسكري الإسرائيلي ، فغلق ممر الهروب الوحيد للقوات الإسرائيلية والمتمثل في الجسر الحجري علي قناة السويس كان من أولويات الخطة المصرية ، ولتتحول القوات الإسرائيلية إلي رهينة في يد القوات المصرية و تفاوض في تسليمها ، حيث أوكل لتلك النقطة الحيوية الفرقة 21 المدرعة واللواء 22 مدرع شرق القناة مع دعم كامل من مدفعيه الجيش الثاني وعناصر الصاعقة والمظلات .
كذلك غلق ممر الهروب و الإمداد الإسرائيلي الضيق في الدفرسوار كفيل جدا بجعل باقي القوات الإسرائيلية غير جادة في القتال لعدم وجود موارد للقتال (( أود أن اذكر هنا أن جميع مخازن الوقود والذخيرة الإسرائيلية غرب القناة كانت هدفا لعناصر الصاعقة المصرية في حرب الاستنزاف الثانية )) مما يجعل مخزون الذخيرة والوقود اللازم للقتال يعتمد اعتماد كلي علي الإمدادات من شرق القناة .
* لا يوجد ما يشير إلي توقيت الهجوم ، و يُعتقد انه كان سيكون في منتصف اليوم لإتاحة الوقت الكافي في النهار لوصول الدبابات المصرية الغير متمرسة علي القتال الليلي ، لوصولها لأهدافها ، واستغلال الليل في نشر قوات المشاة الميكانيكية و الصاعقة لنصب كمائن للقوات الإسرائيلية المتوقع لها الهجوم مع صباح اليوم التالي والله اعلم .
* وضع الطيران المصري أفضل بكثير من وضع الطيران الإسرائيلي ، فرغم خسائر الطيران المصري الكبيرة مع بدء الثغرة والتخلف التكنولوجي للطائرات المصرية كما وكيفا ، فأن وجود المطارات المصرية بالقرب من خط الجبهة كفيل بطيران تلك الطائرات علي ارتفاع منخفض مع وجود مخزون كاف من الوقود للبقاء فوق الهدف الذي لا يبعد عن اقرب مطار أكثر من 3 دقائق طيران ، مما يعني تواجد أكثر للطائرات المصرية لدعم القوات البرية .
* ارتداد حائط الصواريخ و استعادته لخطورته المعهودة علي النسق الثاني غرب القناة سيمكن القوات البرية المصرية من التعامل مع قوات الثغرة الإسرائيلية بدون تدخل كثيف للطيران الإسرائيلي .
* فك حصار السويس وفتح الطريق للجيش الثالث له هدف إعلامي ومعنوي فقط للجيش والشعب المصري .
لذلك اعتقد أن دفع الفرقة الرابعة المدرعة لفك الحصار عن السويس سيكون هجوم متوقع جدا ، ومن المتوقع أن يحشد الجنرال ادان دباباته غرب السويس لصد الفرقة الرابعة ، وكانت ستكون معركة رهيبة جدا لو تمت والخسائر كانت ستكون عالية وغير قابلة للحصر، وفي رأيي الخاص أن وضع الفرقة الرابعة كنسق ثاني لدعم الفرقة الثالثة ميكانيكية في هجومها تجاه فايد لعزل فرقه الجنرال ادان في الجنوب وحصارها سيكون اقل خطورة و أكثر فائدة و أكثر مفاجأة ، والله اعلم .
في النهاية
لماذا لم تنفذ الخطة شامل ؟
إن وزير الخارجية الأمريكي تدخل بقوة لوقف تنفيذ تلك الخطة ، وهذا ثابت في مذكراته الشخصية .
وفي كتاب اللواء كمال حسن علي (( مشاوير العمر – أسرار وخفايا 70 عام من عمر مصر)) في صفحه334 يقول
(( وهكذا انقلبت الثغرة الإسرائيلية إلي مصيدة ، حتى انه مع مجيء كسينجر إلي مصر في الأول من نوفمبر 1973 ، لخص له الرئيس السادات الموقف قائلا ، أنا عندي 800 دبابة و إسرائيل لها 400 دبابة وعندي صاروخ ونص لكل دبابة إسرائيلي ، والإسرائيليين محصورين في منطقه عرضها 6.5 كيلومتر شرق القناة و إذا أغلقناه فأن القوات الإسرائيلية مقضي عليها بلا جدال .
وجاء رد كسينجر بأنه يعلم حقيقة الموقف ، وقد زوده البنتاجون بصور أقمار صناعية تظهر استرداد حائط الدفاع الجوي لفاعليته وصور ال 800 دبابة و المدافع الخ )) .
و كان من بين ردود كسينجر : هل تعتقد أن الإدارة الأمريكية ستتركك تعمل هذا ؟
ولو درسنا ذلك التصريح لأدركنا أن أمريكا مدركة تماما الوضع الحقيقي للقوات الإسرائيلية غرب القناة والمتمثل في :
1- انخفاض معنويات الجنود الإسرائيليين جراء الخسائر المستمرة وعدم تحقيق أهدافهم من الثغرة .
2- فشل إسرائيل في تركيع الجيش الثالث .
3- حاولت إسرائيل اللعب بورقة أن الجيش الثالث رهينة في يدها ، و أذاعت صور قوافل الإمداد التي تتحرك في حماية قوات الأمم المتحدة ، ونشرتها علي أنها تمن علي مصر بتلك الإمدادات الضئيلة رغبة منها في كسر معنويات الشعب المصري وهو ما لم يحدث وفشلت إسرائيل فيه .
4- فشلت إسرائيل في احتلال السويس واكتساب مجد إعلامي كبير .
5- عامل الوقت أصبح ضد إسرائيل بكل المقاييس ، فقواتها تتعرض للاستنزاف يوما بعد الآخر ، والقوات المصرية تستعيد تماسكها غرب القناة وتتحول إلي قوة مدرعة كبيرة تهدد إسرائيل .
6- أصبح خروج القوات الإسرائيلية من مأزق الثغرة أمرا لا بديل عنه لكن كيف ؟؟؟ كيف تنسحب القوات الإسرائيلية بدون خسائر ، لتستمر في الترويج لهذا النصر الزائف وتلك المعركة التلفزيونية .
7- إن تنفيذ الخطة شامل كافي جدا لتعريض القوات الإسرائيلية لمذبحة كبيرة غرب القناة .
لذلك تدخل وزير الخارجية الأمريكي اليهودي كيسينجر ، مطالبا مصر وبكل قوة آلا تنفذ تلك الخطة لكن كيف ؟
أستثمر كيسنجر اجتماعات الكيلو 101 في عقد اتفاقية فض اشتباك أولي ، تلاها اتفاقية فض اشتباك ثانية ، والتي بموجبها انسحبت القوات الإسرائيلية من غرب القناة تماما في 14 يناير 1974 وعلي مدي أربع أيام فقط إلي شرق المضايق ، مبتعدة 40 كيلو مترا عن الحد الرئيسي للقوات المصرية شرق القناة ، وفي مقابل ذلك وافقت مصر علي تخفيض القوات المصرية شرق القناة ،(( رغم أن هذا التخفيض كان كبيرا جدا جدا جدا ، كما أن وضع القوات المصرية قد عُدل ، فتغير وضعها القتالي من وضع قتالي نموذجي لوضع قتالي من أسوأ ما يمكن )) كدليل علي حسن النية في مفاوضات سلام مستقبلية ، ولفتح قناة السويس ، مع عدم تنازل مصر علي مكاسبها العسكرية شرق القناة .
ويقول اللواء معتز الشرقاوي عن فترة الحصار والتي امتدت مائة يوم كامل ، انه فور إعلان اتفاقية فض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية لشرق القناة ، شاهد المئات من طلقات الإشارة في سماء غرب السويس ، فقد أطلق الإسرائيليين كل ما يحملون من طلقات إشارة - تشبه الألعاب النارية - في سماء المنطقة ابتهاجا بخروجهم من الثغرة أحياء ، وتعانقت تلك الألعاب النارية مع مئات الطلقات النارية التي أطلقها نفس الجنود في السماء علي امتداد منطقه الثغرة من الإسماعيلية إلي السويس والتي امتدت لساعات طويلة ، فقد أحسوا بأنهم قد تم إنقاذهم.
فهل هذا تصرف قوه عسكريه متماسكة تحاصر الجيش الثالث ؟ أم انه تصرف قوات منهزمة نفسيا لأنها تعرف المأزق الذي تم زجها فيه بدون وعي أو دراسة لمجرد الهالة الإعلامية والمجد الدعائي لجنرالات إسرائيل .
من إسرائيل ، يعرف أنها لا تتنازل عن شبر من الأرض بدون مقابل أمامه .
فلماذا أذن انسحبت القوات الإسرائيلية من الثغرة ، ومن خط المواجهة مع الجيش الثاني والثالث شرق القناة لتعود إلي شرق المضايق ..؟؟؟؟
وفي كتاب اللواء كمال حسن علي )) مشاوير العمر – أسرار وخفايا 70 عام من عمر مصر)) يلخص لنا سبب انسحاب إسرائيل من وجهة نظر محارب ومدير سلاح المدرعات ، أي انه من المطلعين علي أدق التفاصيل في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الصراع :
(( لا يمكن لأحد أن يدعي أن إسرائيل قبلت وقف إطلاق النار الثاني يوم 25 أكتوبر ثم الانسحاب إلي شرق المضايق بسبب رغبتها في السلام، الحقيقة أن إسرائيل لم تقبل ذلك إلا تحت شبح التهديد داخل مصيدة الثغرة .
و الحقيقة أن الثغرة والجيب الإسرائيلي غرب القناة لم يحقق أمل القادة الإسرائيليين في قلب نتيجة الحرب لأسباب عديدة ، منها أن الخسائر الإسرائيلية المعلنة وصلت إلي 400 قتيل و 1200 جريح ، وان كانت حقيقة الأمر اكبر من ذلك بكثير ........
ومن ضمن الأسباب أيضا أن الفرصة أتيحت للقوات المصرية خلال فترة توقف إطلاق النار لإعادة تنظيم قواتها و إمدادها بحيث أصبحت من القوة بحيث لا تتيح للجانب الإسرائيلي توسيع رقعه الثغرة أو الانسحاب منها ..........
وبلغ حجم القوات المصرية حول الثغرة خمس فرق منها فرقتين مدرعتين ، و3 فرق ميكانيكية فكانت مقارنة القوات لصالحنا بنسبه 1:3 في المشاة ، و 1:6 في المدفعية و 1:2.5 في الدبابات

الأحد، 17 أكتوبر 2010

الخطة شامل

مختصر ( الخطة شامل ).

تم تعيين اللواء سعد مأمون قائدا لقوة تصفية الثغرة وتم وضع القوات التالية تحت تصرفه :
الفرقة 21 المدرعة ( بعد إعادة التجميع و استعواض الخسائر ) 250 دبابة .
الفرقة الرابعة المدرعة (,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,) 250 دبابة .
الفرقة الثالثة ميكانيكي (,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,) 120 دبابة .
الفرقة السادسة ميكانيكي(................................) 120 دبابة .
الفرقة 23 ميكانيكي (,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,) 120 دبابة .
المجموعات 129 و 126 و 139 صاعقة ، و اللواء 182 مظلات.
وتم تدريب القوات ورفع كفاءتها والتدريب علي خطط تصفية الثغرة . ويتضح مما سبق أن القوة المصرية تتكون من 7 لواء مدرع و 8 لواء ميكانيكي و لواء مظلات و 3 مجموعة صاعقة بأجمالي 19 لواء .
يقابله 7 لواء مدرع إسرائيلي و لواء ميكانيكي و لواء مظلات بأجمالي 9 لواء . فضلا عن تفوق ساحق للمدفعية المصرية ، كما أن منطقة الثغرة كلها أصبحت تحت غطاء النسق الثاني للدفاع الجوي المصري بدليل إسقاط 11 طائرة للعدو . مما يعني أن كافه العوامل قد تضافرت من تخطيط وتدريب وقوات دعم لتنفيذ خطة تصفية الثغرة . و قد وُضعت الخطة علي أساس عدة ضربات رئيسية و فرعية .
الضربات الرئيسية :
الفرقة 16 مشاه تجاه ممر العبور بهدف الوصول للمزرعة الصينية وتقاطع الطرق الحيوي .
الفرقة 21 المدرعة كاملة بهدف غلق ثغرة الاختراق في الدفرسوار .
الفرقة 23 نسق ثاني للفرقة 21 المدرعة ، و اللواء 182 مظلات ، و المجموعة 139 صاعقة ، يقابلها في هذا المحور لواء مدرع لشارون ولواء مظلات فقط بنسبه تفوق 7 إلي واحد .
لاحظ التخطيط الجيد لحشد القوات في منطقه ضيقة .
المحور الثاني : تقوم به الفرقة الرابعة المدرعة ،و
الفرقة 6 مشاه ميكانيكي ، و الفرقة 3 مش ميكا .المجموعة 126 صاعقة . تجاه السويس لفتح طريق تجاه السويس وكسر الحصار عن الجيش الثالث . ويوجد هنا للإسرائيليين 3 لواء مدرع ولواء ميكانيكي . بنسبه تفوق للقوات المصرية 2 إلي واحد علي اقل تقدير ، مع توجيه ضربات ثانوية تجاه فايد و كبريت غرب بهدف تثبيت 2 لواء مدرع يتحكم في المنطقة الممتدة من الدفرسوار شمالا حتى مشارف السويس وهي منطقه واسعة بنسبه تفوق 1 إلي واحد ، لكن للأسف لم يكتب لهذه الخطة أن تتم بسبب فض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية جميعها من غرب القناة إلي شرق الممرات ابتدأ من يوم 14 يناير 1974

الجمسي و الثغرة

و للحقيقة أظن أن الإسرائيليين في نهاية الحرب في أوائل نوفمبر 1973 وضعوا أنفسهم في وضع عسكري خطير ، و ما يؤكد ذلك ما قاله الجمسي "(( لابد من التأكيد أن ذلك النجاح الاستراتيجي الذي حققته إسرائيل في معركة الثغرة قد خلق أوضاعا غير ملائمة للقوات الإسرائيلية , كان من المؤكد أن تؤدي إلي فشل استراتيجي محقق إذا ما استؤنفت أعمال القتال"كان علي القيادة الإسرائيلية أن تؤمن قواتها في غرب القناة الموجودة في قطاع محدود بالانتشار والاستيلاء علي مساحة أكبر واستتبع ذلك دفع قوات أكبر إلى غرب القناة , فقد أصبح لها حوالي 6-7 ألوية موجودة في منطقة محددة من الأرض ومحاطة من جميع الجهات بقوات مصرية, ولتأمين هذه القوات خصصت إسرائيل قوات أخرى (4-5 ألوية ) لحماية المداخل إلى الثغرة, ولتثبيت رءوس الكباري المصرية الموجودة في سيناء خصصت القيادة الإسرائيلية عشرة ألوية, وبالتالي أصبح من الضروري الاحتفاظ بالاحتياطي الاستراتيجي في أقصي درجات التعبئة.وهكذا تحولت القوات الإسرائيلية غرب القناة من سلاح تضغط به علينا إلي رهينة نضغط بها علي إسرائيل ومصدر لاستنزاف لأرواح ومعدات واقتصاد إسرائيل..وجاء الاتفاق المصري الإسرائيلي, وظهرت حقيقة الثغرة عندما طلبت إسرائيل ترك الثغرة وسحب قواتها شرقا بعيدا عن القناة )) . و ما وضعهم في هذا الوضع هو إحساس نفسي برغبتهم في التفوق علي العرب ، فلم يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل جنرالات إسرائيل أن تنتهي الحرب علي الوضع في يوم 14 أكتوبر ، أو حتى قبله أو بعده ، فغرورهم خلق لديهم الرغبة في كسر الجيش المصري ودق عظامه (تصريح إسرائيلي) ، جزاءا علي ما قام به المصريون من انجازات طوال أيام الحرب الأولي .

ماذا حدث في الثغرة ؟ القصة الكاملة .









أولا و قبل كل شيء لابد لنا من تعريف ماهية الثغرةحتى يتسني لنا الحكم علي ما قامت به القوات الإسرائيلية ، ما إذا كان نصرا أم إنه نوع من الدعاية. الثغرة يا سادة عسكريا هي نوع من أنواع المعارك الحربية تقوم به قوة سريعة خفيفة بهدف كسر تماسك القوة الأخرى في مواضع ضعيفة ، والانتشار خلف خطوطها ، وتهديد خطوط المواصلات والاحتياطيات ومراكز القيادة مما يخلق واقع جديد .
و قد حدثت عده ثغرات في معارك العصر الحديث منها :
ثغرة الأردين في فرنسا عندما قامت القوات الألمانية في يناير 1944 بعملية هجومية جريئة وغير متوقعة بقوات مدرعة ضد اضعف المواقع الأمريكية ، واخترقتها وتوغلت في قلب العمق المتحالف بين قوات باتون و قوات مونتجومري مستغلة تفوق كاسح في المدرعات ، لكن نظرا لغلق الثغرة وندرة موارد الوقود لدي القوات الألمانية فقد فشل الهجوم الأخير للقوات الألمانية في الحرب العالمية الثانية وكان رأس الحربة فيه الجنرال الألماني ) هسلر ) .
نعود لموضوعنا الأصلي ، بعد فشل تطوير الهجوم المصري سارعت إسرائيل بتنفيذ الخطة (شوفاح يونيم ) و أسمها الكودي ( الغزالة ) .
فتم تكليف 3 مجموعات عسكرية بواجب تنفيذ الثغرة تحت القيادة المباشرة لشارون ، وتحت إشراف الجنرال بارليف (ممثل رئاسة الأركان).
والمجموعات هي :
1 - مجموعة شارون المدرعة وتتكون من 2 لواء مدرع ولواء مظلات .
2 - مجموعة برن (ابراهام ادان) 2 لواء مدرع .
3 - مجموعة كلمان ماجن 2 لواء مدرع ولواء ميكانيكي .
أي تم تجهيز قوة من 6 لواء مدرع حوالي 540 دبابة ، و لواء ميكانيكي 30 دبابة ، و لواء مظلات 2000 مظلي لكي تكون مسئولة عن تنفيذ الثغرة .
وتركت باقي الجبهة للقوات التي وصلت من الجولان ومن القوات التي تم تعويض خسائرها بفضل الجسر الأمريكي الذي بلغ زروته بعد 14 أكتوبر .

ثانيا : التسلل الإسرائيلي لغرب القناة .
بدأ الإسرائيليون تنفيذ خطتهم للعبور إلي غرب القناة فور فشل تطوير الهجوم ، و يؤكد شارون في مذكراته أن ساعة 900 صباح 16 أكتوبر 1973 كانت لديه كتيبة دبابات وكتيبة مظلات غرب القناة .
ومن المرجح أن تكون تلك القوة قد عبرت من الطرف الشمالي للبحيرات المرة وليس من الدفرسوار ، وكانت مهمة تلك القوة هي مهاجمة منصات الصواريخ سام 2 وسام 3 بواسطة أسلوب الضرب من مسافات بعيدة بقوة 2 إلي 3 دبابة في كل هجوم .
ونظرا لعدم وجود إنذار أو تحذير مسبق فقد فوجئت عناصر الدفاع الجوي بقصف الدبابات الإسرائيلية عليها مستهدفة الرادارات وهوائيات البطاريات مما أدي إلي تعطل عدد من البطاريات وفتح ثغرة في السماء .
جاءت بلاغات قوات الدفاع الجوي إلي غرفة العمليات بهجمات العدو كأول إنذار بوجود ثغرة ، وتم تحليل تلك البيانات والتوصل إلي نتيجة أن قوة العدو ما هي إلا قوة إغارة لا تزيد عن سبع دبابات وفورا بدأت مدفعية الجيش الثاني الميداني في ضرب منطقة الدفرسوار بالمدفعية ، ونظرا لأنها منطقة زراعات مانجو كثيفة فقد كان للضرب المدفعي تأثير ضعيف ، وقامت قوة صغيرة محلية بمهاجمة قوة العدو ، وفور انسحابها إلي زراعات المانجو في الدفرسوار ابلغ قائد القوة المحلية ، بأن قوة العدو لا تزيد بأي حال عن 7: 10 دبابات ، وانه اجبرها علي الانسحاب وهو ما لم يكن صحيحا بالمرة ، فالقوة الإسرائيلية المعزولة طبقا لكلام شارون هي 30 دبابة و تقبع وسط زراعات المانجو وما يظهر فقط هو عدد منها ، يقوم بأغارات علي منصات الصواريخ لتدميرها بعد أن فشل ضربها من الجو .
وبناء علي بلاغ قائد القوة المحلية أكتفت قيادة الجيش الثاني وقياده القوات المسلحة بالضرب المدفعي عليها مع إنذار قوات الدفاع الجوي فقط !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ولم تفطن القيادة المصرية من مغزى تدمير عدد من بطاريات الصواريخ في تلك المنطقة تحديدا إلا بعد فوات الأوان .

ثالثا : معارك اللواء 16 مشاه أيام 15- 16 أكتوبر .
لا أظن أن هنالك وحدة في الجيش المصري قاتلت وتعرضت لقتال عنيف مثلما تعرض لها اللواء 16 مشاه ، واللواء 16 مشاه هو الجنب الأيمن في رأس جسر الفرقة 16 مشاه ، وهو يمثل أقصي الجنب الأيمن للجيش الثاني الميداني ، و رأس جسر الفرقة 16 مشاه يضم أيضا قيادة الفرقة 21 المدرعة التي منيت بخسائر في تطوير الهجوم ، وعادت إلي رأس الجسر لتتمركز به ، لذلك ففي رأس جسر الفرقة 16 كان هناك 6 لواءات علي الورق (3 لواء من الفرقة 16 مشاه ، و3 لواء من الفرقة 21 المدرعة ) مما جعله مكتظا إلي أقصي درجه ومما جعل القصف الإسرائيلي المركز ضد الفرقة مؤثرا للغاية في حجم الخسائر .
ويتحكم اللواء 16 مشاه في تقاطعي طرق هامين للغاية هما تقاطع طرطور وتقاطع اكافيش (الممتدين من الدفرسوار إلي وسط سيناء ) وكان من المفترض أيضا أن يكون اللواء مسيطر علي موقع تل سلام الحصين والذي حُرر يوم 6 أكتوبر ، لكن لسبب ما تم ترك الموقع المحصن مهجورا بعد تحريره يوم 6 ، ويشمل موقع اللواء أيضا مزرعة الجلاء للأبحاث الزراعية والتي سماها الإسرائيليون بعد النكسة المزرعة الصينية ، نظرا لوجود كتابه باللغة اليابانية علي جدران المباني نظرا لوجود خبراء يابانيين يعملون بها قبل النكسة .
بدأ أول هجوم علي اللواء ساعة 0500 يوم 15 أكتوبر بقصف مدفعي مركز جدا أعقب ذلك تقدم لواء مدرع ( لواء توفيا – من فرقه شارون ) ضد اللواء الثالث ميكانيكي ( لواء الوسط بالفرقة 16 مشاه ) بهدف جذب الأنظار إلي الشرق بينما التركيز الإسرائيلي تجاه الجنوب واللواء 16 مشاه ، واستنتج المصريون أن الإسرائيليين يريدون طي جناح رأس الجسر المصري بهدف تقليص حجمه .
في نفس الوقت تحرك لواء امنون (من فرقه شارون ) تجاه الجنوب ليجد نقطة تل سلام مهجورة مما أشاع روح من التفاؤل لديهم فقد ظهرت القناة علي الأفق وبدون مجهود يذكر .
بعدها قام امنون بدفع كتيبة دبابات تجاه الشمال لمحاولة فتح محور اكافيش إلا أنه وجد أن المصريين قد أغلقوه .
وقام بدفع بقيه اللواء (عدا كتيبة ) تجاه الشمال بمحاذاة القناة لمهاجمة الكتيبة 16 مشاه من اللواء 16 مشاه ، وعند لحظة وصوله لمفترق طريق طرطور انهالت عليه الصواريخ م د من الكتيبة 16 ، وتم علي الفور تدمير 27 دبابة من أصل 58 بدأ بهم التحرك ، أي انه خسر 30 % من قوة لواءه في دقائق ورغم الخسائر إلا أن عدد من دباباته انطلق بحذاء الساتر الترابي الشرقي وفي لحظة وجد امنون نفسه وسط منطقة الشئون الإدارية للفرقة 16 مشاه ، حيث المئات من عربات الفرقة 16 والفرقة 21 المدرعة وكانت مفاجأة رهيبة للجانبين ودارت معركة قصيرة استخدمت فيها كافه أنواع الأسلحة المتيسرة فقد ضربت مدفعية الفرقة ضرب مباشر تجاه الدبابات المخترقة لمواقع الفرقة . وقامت كتيبتان من اللواء الأول مدرع بهجوم مضاد ناجح اجبر قوة امنون علي الارتداد جنوبا تجاه نقطه تل سلام وهو ينعي حظه من خسائره الكبيرة في ذلك الصباح .
جدير بالذكر أن لواء امنون كان المكلف بزحزحة دفاعات اللواء 16 مشاه إلي الشمال بهدف فتح طريق للقناة مما يعني حتمية سيطرته علي تقاطع طرق اكافيش طرطور، و كانت مهمة امنون المباشرة هي السيطرة علي المزرعة الصينية ( قرية الجلاء ) كمهمة مباشرة حتى يتثني لبرن وماجن العبور غربا .
و قام امنون بهجومه الثالث في ذلك اليوم بقوة كتيبة ميكانيكية تدعمها سرية دبابات للهجوم علي مفترق الطرق ، لكن فور تقدم السرية المدرعة تم ضربها بسرعة خاطفه و دُمرت عن أخرها ، أما الكتيبة الميكانيكية فقد انهمرت عليها المدفعية و قذائف م د مما أرغمها علي التوقف ، وفشلت كل محاولات انسحابها وتخليصهما من الاشتباك ، و مع الوقت أدرك امنون تماما أن القوة)) الكتيبة الميكانيكية وسرية الدبابات قد دُمرت عن أخرها ) (.
فحاول مرة أخري تخليص ما تبقي من الكتيبة الميكانيكية علي أمل وجود أحياء ، فدفع بسريه دبابات إلا أن تلك السرية عانت من قصف مركز حال دون تنفيذ مهمتها وانسحبت علي الفور .
في نفس الوقت دار حوار تليفوني بين ديان وجونين تختصره عبارتان :
ديان : لقد حاولنا لكن كل محاولتنا ذهبت أدراج الرياح ، ولذا اقترح إلغاء فكرة العبور لان المصريين سيذبحون أولادنا علي الشاطئ الغربي .
جونين : لو كنا نعلم مسبقا أن ذلك سيحدث ما بدأنا عمليه العبور ، أما الآن فقد عبرنا فلنستمر حتى النهاية المريرة .
وهاتان العبارتان تظهران مدي فداحة الخسائر الإسرائيلية في عمليه فتح محور العبور .
في يوم 16 قام امنون بهجومه الرابع بكل ما تيسر له من دبابات ، فهاجم بواسطة كتيبة مدرعة مدعمة ببعض دبابات تم إصلاحها ليلا ، لكنه استفاد من أخطائه في اليوم السابق ، ونظرا لقيامه باستطلاع قوي في الصباح فقد استطلع بنفسه ، و أدرك أن الدفاعات المصرية تتكون من ستائر من صواريخ م د مالوتكا و ساجر و ار بي جي واستنتج أن تلك القوة (الكتيبة 16 من اللواء 16 ) لابد و ان تعاني من نقص حاد في الذخيرة نتيجة معارك اليوم السابق ، و لذلك فقد استخدم أسلوب جديد وهو الاشتباك مع القوة المصرية من مدي بعيد نوعا ما حتى تنفذ ذخيرة المصريين ، ثم يشن هجومه الرئيسي ، و رغم أن قوة لواء امنون أصبحت 27 دبابة فقط من أصل 120 دبابة بدأ بها القتال في اليوم السابق ، إلا انه لم ييأس ، وادي تكتيك امنون الجديد إلي ما يريده ، فقد انسحبت القوة المصرية من موقع تقاطع الطرق بعد أن نفذت الذخيرة ، و أمن امنون موقع تقاطع الطريق ، و دعمه شارون بعدد 2 كتيبه دبابات لمواصلة هجومه ضد اللواء 16 مشاه بهدف الوصول إلي المزرعة الصينية ، فترك امنون ما تبقي من لواءه الأصلي في موقع تقاطع الطريق واستخدم الدعم الجديد له في مهاجمة المزرعة الصينية ، لكن الطريق تجاه المزرعة ظل مغلقا ، فكان النجاح الوحيد لامنون هو تأمين موقع تقاطع الطرق ، وليس لاقتحام الدفاعات لكن لانسحاب قوة الدفاع عنه لنفاذ الذخيرة م د .
وكان صبر شارون قد بدأ في النفاذ نظرا لجسامة الخسائر في لواء امنون ولان المحور ظل مغلقا ، فطلب شارون أن يعبر ادان علي المعدية الوحيدة في الشاطئ الشرقي وان يتم تجاهل دفاعات المزرعة الصينية إلا أن بارليف رفض طلبه حيث أن إمداد 300 دبابة بالوقود والذخيرة سيكون معرضا للخطر الدائم طالما المزرعة الصينية مازالت في يد المصريين ، وعليه فقد اصدر بارليف أوامره بأن تقوم فرقه برن بتطهير محور اكافيش وطرطور من القوات المصرية ، و فور إعادة تجميع فرقه شارون المنهكة تتولي بعدها بالكامل احتلال المزرعة الصينية كواجب أساسي لها .

برن يواجه اللواء 16مشاه .
انسحبت فرقه شارون جنوبا لإعادة التجميع بعد خسائر لواء توفيا ولواء امنون في القتال ، واندفعت فرقه برن من الطاسة إلي الدفرسوار للتعامل مع اللواء 16 مشاه المنهك ، وكانت معظم دبابات برن جديدة من مخازن الأطلنطي ومرتباتها كاملة ، في حين أن اللواء 16 قد امضي 36 ساعة متواصلة في قتال كامل وفور وصول فرقه برن للمنطقة بدأت دباباته تصاب الواحدة تلو الأخرى ، فأطقم اقتناص الدبابات تملئ المنطقة ، فسحب قواته للخلف وطلب دعم مشاه ، وتمثل هذا الدعم في لواء مظلات وصل جوا من راس سدر ، وكانت مهمة اللواء كما شرحها برن لقائده المقدم ايزاك ( تطهير المحور ) . و في الساعة 2300 من ليله 16 أكتوبر بدأت وحدات المظلات في التقدم تجاه المواقع المصرية من الشرق للغرب ، وعند وصولها لمنطقة ضيقة لا يزيد عرضها عن 2 كيلو متر ، فتحت أبواب الجحيم علي هذا اللواء ، و انهمر سيل من قذائف المدفعية والهاون وصواريخ الكاتيوشا علي رأس اللواء المتقدم علي الأقدام ، واكتشف المظليون وجود عدد من الرشاشات المتوسطة ( جرينوف ) في مواقع حصينة تغمر المنطقة بطلاقتها ( وهنا يظهر أهمية استطلاع ارض المعركة قبل المعركة ) . و قرر المظليون التقدم بأي شكل و دارت معركة دموية بكل المعاني ، فلم يكن المصريون في حاجه لان يخرجوا من دفاعاتهم لمقابلة المظليين ، والذي قال قائدهم (( لقد تبعثرت أشلاء جنودي علي خطوط الدفاع المصرية )) .
وعبثا حاول المظليون التقدم أو الانسحاب ، و لكن كل ما استطاعوا القيام به هو إلصاق وجوههم في الأرض و الانكفاء طوال الوقت ، ومع أول ضوء من يوم 17 اتضح لبرن أن قوة المظليين في وضع سيء جدا مما يعني تأخر فتح المحور وتأخر دفع الجسر إلي المياه لتنفيذ العبور .
فأصدر برن أوامره باستطلاع محور اكافيش من الجنوب ، ووصلت سرية الاستطلاع إلي خط المياه في مفاجأة تامة، فقد أستطاع لواء المظلات الإسرائيلي بدون قصد أن يشد انتباه المصريين إليه ، وان يغفل المصريون بدون قصد ما يحدث في الجنوب منهم ، وعليه فقد أعطي برن أوامره بدفع الجسر إلي المياه بأقصي سرعة مستغلا انشغال المصريين في لواء المظلات وفعلا نزل الجسر إلي المياه في السادسة صباح 17 أكتوبر 1973 .
أما لواء المظلات ( المنهك ) فقد اصدر بارليف أوامره بدفع كتيبة دبابات بهدف ستر انسحاب هذا اللواء ، لكن قائد لواء المظلات كان يشك في مقدرة الدبابات في معرفة موقع قواته ، فقام بأكبر تصرف غبي في الحرب ، فقد أطلق قنبلة دخان ليرشد قائد الدعم لموقعه ، مما ساعد المصريين في ضبط توجيه المدفعية أكثر و أكثر ، وانهالت القذائف مرة أخري علي اللواء وعلي كتيبة الدبابات لتحدث خسائر اقل ما يقال عنها أنها فادحة جدا في صفوف الإسرائيليين . وانسحب اللواء المظلي بعد أن خسر 70 قتيلا و100 جريح مع خسارة 13 دبابة من كتيبة الدعم بعد 14 ساعة من القتال المتواصل .

اول تعامل مصري مع الثغرة .

وضح للقياده المصريه مع ليلة 17 / 16 أن القيادة الإسرائيلية تخطط للعبور غرب القناة .
فتم وضع خطة لغلق ممر المرور شرق القناة وتدمير قوات العدو غرب القناة .
وتمثلت في الآتي :
ضربة رئيسية من اللواء 25 مدرع من الجنوب للشمال .
ضربة رئيسية بقوة الفرقة 21 المدرعة من الشمال للجنوب .
ضربة رئيسية من اللواء116 ميكانيكي غرب القناة ( من الشرق للغرب) .
والهدف من الخطة هو غلق ممر الاختراق من الشرق ، و تدمير قوة العدو غرب القناة ، وذلك بناء علي المعلومات المتوافرة صباح يوم 16 أكتوبر .
ولم يتم عمل استطلاع قبل المعركة نهائيا، فلم يعرف المصريون أن قوة ال 7 دبابات التي قال عنها قائد القوة المحلية قد أصبحت مع ظهر يوم 17 / 300 دبابة .
وكان متوقع أن دبابات اللواء 25 مدرع ستتقابل وجها لوجه مع دبابات الفرقة 21 المدرعة في نقطة ما ، فتم عمل تنظيم تعاون سريع تحدد فيه ضرورة توخي الحذر البالغ ، وتم وضع اللواء 25 مدرع مستقل تحت قياده الجيش الثالث ، وتم سحب كتيبة من اللواء الثالث مدرع ليتم وضعها في رأس جسر الفرقة السابعة مشاه لسد فراغ خروج اللواء 25 مدرع . وجدير بالذكر أن اللواء 25 مدرع بقيادة العقيد احمد حلمي بدوي يعد من اقوي ألوية الدبابات المصرية ، بما له من دبابات تي 62 ذات مدفع 115 ملم الجبار والدقيق جدا في ذلك الوقت .
معركة اللواء 25 مدرع مستقل .
مع بدء تحرك اللواء من رأس جسر الفرقة السابعة مشاة تعرض اللواء لقصف مدفعي بعيد المدى وهجمات جوية بقنابل البلي ( الجيل الأول من القنابل العنقودية ) مما أدي لتوقف عده عربات نتيجة انفجار الإطارات ، و توقف كل عربات مدفعية اللواء بعد أن مر اللواء بنقطة كبريت المحررة مما حرم اللواء المدرع من قوة المدفعية الخاصة به .
ويقول الجنرال ادان ( لقد كنا بانتظار هذا اللواء وجهزنا له منطقة قتل وكانت الرؤية مثالية ، فقط كان لنا هذا اللواء هدف مثالي ) .و وصل اللواء إلي منطقة جنوب تل سلام ب 2 كيلو متر علي مسافة بعيدة جدا من منطقة دفعه ، و وقع في الكمين المحكم الذي أعده له ادان ، فوقعت كتيبة المقدمة في كمين من كافه الجهات ، و أصيبت بخسائر فادحة ، واستطاعت عدة دبابات الانتشار في اليمين واليسار وفتح نقاط ضرب علي الكمين ، وكانت ستائر صواريخ م د الإسرائيلية مؤثرة جدا علي اللواء ، وطلب قائد اللواء دعم مدفعي وجوي ، بالإضافة للسماح له بالتمسك بالأرض ، لكن قياده الجيش رفضت تمسكه بالأرض وأصرت علي تنفيذ المهمة ، وبناء عليه أمر قائد اللواء قواته بقتح النسق الثاني و محاولة تطويق كمين العدو ، فحاولت كتيبة اليمين التقدم ، لكنها أُصيبت بخسائر جسيمة ، و أما كتيبة اليسار والتي حاولت الفتح فقد وقعت في حقل ألغام و أُصيبت معظم الدبابات ، و طلب قائد اللواء مرة أخري التوقف وتحسين الأوضاع و طلب دعم مدفعي ، لكن الأوامر كانت صارمة بالتقدم و مقابلة الفرقة 21 المدرعة ( طب الراجل يعمل ايه ؟ ده في كمين ) ، لكن الرجل تصرف فقد أمر دبابته بالانتشار في نطاق اللواء والاستتار بالهيئات الحاكمة والتراشق النيراني فقط ، وعندما هبط الليل ارتد بما بقي من دباباته إلي نقطه كبريت .
وتقول المصادر الإسرائيلية أن اللواء 25 دخل المعركة ب 96 دبابة دُمر منهم 86 دبابة في ارض الكمين ، أما المؤرخ جمال حماد فيقول أن اللواء دخل المعركة ب 75 دبابة رجع منهم لنقطه كبريت عشر دبابات فقط .
وهكذا أُسدل الستار عن اللواء 25 مدرع يوم 17 أكتوبر بخسارته 85% من دباباته ،
في معركة أُسئ التخطيط لها ، و أُسئ القيادة فيها من قبل الجيش الثالث .

معركة الفرقة 21 المدرعة لغلق الثغرة .
تم وضع اللواء الأول مدرع من الفرقة 21 لتنفيذ تلك المهمة ألا و هي الالتقاء مع اللواء 25 مدرع في نقطه غلق الثغرة وكانت دبابات اللواء قد تقلصت إلي 53 دبابة فقد بعد خسائر في تطوير الهجوم
، و في الساعة 900 بدأ اللواء الهجوم ونجح في الوصول إلي جنوب المزرعة الصينية وتدمير العدو بها، لكنه تعرض لقصف مدفعي وجوي مكثف جعل استمرار تقدمه مستحيلا فحاول أن يتمسك بالأرض لكنه اضطر مرغما علي الانسحاب ليلا إلي داخل رأس الجسر بعد أن خسر عشرين دبابة ، ليصل عدد دباباته إلي 33 دبابة في نهاية اليوم وهو ما يعادل كتيبه دبابات .
وقام امنون بهجوم مضاد ناجح تمكن خلاله من احتلال المزرعة الصينية بعد أن أُنهكت قوة الدفاع عنها ونفذت ذخيرة جزء منها ، ليكون بذلك قد نفذ الهدف الأساسي الذي وُضع له منذ يومين وفشل فيه علي مدار 48 ساعة من القتال المتواصل ،
و نظرا لتردي حاله الفرقة 21 مدرعة واستنزاف دباباتها في معارك خاطئة فقد تم دعمها بكتيبة دبابات من اللواء 24 مدرع الملحق علي الفرقة الثانية مشاه .

معركة اللواء 18 ميكانيكي.
صدرت الأوامر للواء 18 ميكانيكي ( من الفرقة 21 ) بسرعة الهجوم علي الموقع الحيوي للمزرعة الصينية واستعاده الأوضاع كما كانت ، فبدأ اللواء هجومه في الخامسة مساء يوم 17 للهجوم من الشمال للجنوب ونظرا لان العدو استغل الدفاعات المصرية السابقة في المزرعة بكفاءة عالية ، فقد استطاع امنون أن يدافع عن موقعه بكفاءة عالية و يكبد اللواء 18 خسائر عالية ، حدت العميد العربي قائد الفرقة 21 إلي سحبه وتدعيمه بسرية من اللواء 14 مدرع والذي يُعاد تجميعه داخل رأس الجسر .
معركة اللواء 116 ميكانيكي ( غرب القناة ) .

هدف اللواء هو التقدم وتدمير قوة العدو في منطقه الدفرسوار و نظرا لان أخر البلاغات تقدر قوة العدو ب 7 دبابات فقط ، فقد كانت مهمة هينة لقائد اللواء ، وفور تقدم اللواء علي طريق أبو سلطان – المعاهدة . لكن القوات الإسرائيلية نصبت لها كمينا في منطقه تبعد عشر كيلو مترات عن بلاغات الاستطلاع ، ففوجئ قائد اللواء بالكمين الإسرائيلي المحكم وتم تدمير اللواء تقريبا واختراق خطوطه .

معارك القوات الخاصة يوم 17 / أكتوبر .
الصاعقة:
تم إصدار الأوامر للكتيبة 73 من المجموعة 129 صاعقة بالتقدم وتدمير قوات العدو علي الجانب الغربي للقناه ، وتم دفع سرية من تلك الكتيبة إلي اتجاه مطار الدفرسوار بهدف تأمين المطار ، وفور اقترابها اشتبكت السرية بكتيبه دبابات إسرائيلية تحتل المطار وتم تدعيم قوة العدو بسريه مظلات ، وظل الاشتباك قائما حتى الليل بدون تحقيق نتائج للجانبين ، لكن سرية الصاعقة اضطرت للانسحاب لنفاذ الذخائر ، أما باقي سرايا الكتيبة 73 فقد وصلت سريه منهم إلي شاطئ البحيرات المرة ، واشتبكت مع العدو في قتال شرس ، وتم تدمير عدة دبابات للعدو وصدرت الأوامر للسرية بالانسحاب ، لكنها لم تتمكن ، ونظرا لأنها مشتبكة بقوة فقد خسرت أفرادا كثيرة في الاشتباك
المظلات :
صدرت الأوامر للكتيبة 85 بقياده عاطف منصف بالتقدم مع كتيبة دبابات من الفرقة 23 ميكانيكي بهدف الوصول إلي مرسي أبو سلطان ( أقصي شمال البحيرات ) )و مطار الدفرسوار ). وبدأ التحرك الساعة الرابعة عصر يوم 17 القوة الأولي في اتجاه مرسي أبو سلطان ، و عند وصولها إلي ترعة السويس وقعت السرية في كمين واستشهد معظم ضباطها وفشلت في تحقيق المهمة . أما القوة الثانية فقد انفصلت عن كتيبه الدبابات نظرا لفارق السرعة ووقعت كتيبه الدبابات في كمين أخر و دُمرت علي أخرها ، واضطرت قوة المظلات إلي العمل بمفردها والاشتباك مع قوة العدو في مطار الدفرسوار بدون معاونه ثقيلة . وتعرضت الكتيبة لخسائر جسيمه وارتدت باقي الكتيبة إلي وصلة أبو سلطان حيث سحبت إلي انشاص لإعادة التجميع .
ويتضح لنا من سرد أحداث يوم 17 / أكتوبر فشل كل القوات التي أوكلت لها مهام في تحقيق المهام الموكلة لها ، وتدمير عدد كبير من الدبابات لسبب واحد هو غياب الاستطلاع ، حيث أدي
غياب الاستطلاع إلي وقوع اللواء 25 مدرع واللواء 116 و الكتيبة 73 و الكتيبة 85 في كمائن محكمة أدت إلي استشهاد المئات وخسارة العشرات من الدبابات . كذلك أدي غياب الاستطلاع إلي سوء تخطيط العمليات ، فاللواء 116 اشتبك في كمين علي مسافة بعيده جدا عما توقعه قائد اللواء ، فلم يكن قد قام بالفتح لقواته واعدها للاشتباك . كذلك أدي غياب الاستطلاع لعدم معرفه مواقع العدو للتعامل معها بما يجب ، فتم دفع سرية مظلات للتعامل مع كتيبه دبابات في مطار الدفرسوار ، وحيث أن القيادة المصرية لم تكن علي علم بوجود إلا 7 دبابات فقد اصطدمت القوات غرب القناة ب 100 دبابة هم قوة لواء من فرقه شارون ، والتي عبرت في غفلة من الزمن صباح يوم 17.
أوضاع القوات الإسرائيلية ليلة 17 / 18.
فرقة برن :
تقوم بإعادة التجميع والتنظيم بعد نجاحها في تدمير اللواء 25 مدرع مستقل وتم سحب لواء من قواته لمصلحة القيادة الجنوبية ، ومع حلول الليل أصبح جاهزا للعبور بقوة 200 دبابة ،
وليلا عبر برن القناة مع قواته تحت قصف عنيف جدا حيث أصبحت القيادة المصرية علي يقين بأنها ليست مسالة تسلل إسرائيلي فقط بل معركة تكتيكيه قويه جدا ، فتم حشد مجهود الجيش الثاني كله ومع مدفعية الفرقة 16 مشاه و الفرقة الثانية مشاه في الضرب ضد منطقه العبور ، و أُصيب الجسر وتم استكمال العبور بالمعديات وغرقت عده دبابات بأطقمها الكاملة من الجنود في قاع القناة و في الساعة 400 صباح يوم 18 كانت فرقه برن قد أتمت عبورها و أصبح لدي إسرائيل غرب القناة 300 دبابة ، عبارة عن لواء مدرع يتبع شارون ولواءين يتبعان برن ولواء مظلات تابع لشارون
فرقه كلمان ماجن :
لم تشتبك في قتال فعلي منذ يوم 14 ، ومرتباتها كاملة وفي انتظار الآذن بالعبور
فرقه شارون :
تقلصت إلي لواء مدرع و آخر مظلات فقط بعد سحب لواء للقيادة الجنوبية ( لواء امنون ) والذي أُوكل إليه الاستمرار في محاولات تعميق ممر العبور و إزاحة الفرقة 16 مشاه إلي الشمال
وهربت من يد القيادة المصرية فرصة ذهبية لتصفية الثغرة يوم 17 ، لكن الاستخدام الخاطئ للتكتيك العسكري في حرب المدرعات أدي لتلك الخسائر وعدم غلق الثغرة .
وعند زيارة ديان للجبهة للوقوف علي معارك 15و16و17 أكتوبر قال :
(( لم استطع إخفاء مشاعري عند مشاهدتي لأرض المعركة فقد كانت المئات من الدبابات والعربات العسكرية محترقة ومدمرة ومتناثرة في كل مكان ولا يبعد عن بعضها البعض سوي أمتار قليله ، وكانت من بين الأسلحة المدمرة صواريخ سام 2 وسام 3 ومع اقترابي من كل دبابة كنت أتمني أن لا أري العلامة الإسرائيلية عليها وانقبض قلبي كثيرا من كثرة الدبابات الإسرائيلية المدمرة ، فقد كان بالفعل هناك العشرات منها ، و لم أشاهد هذا المنظر طوال حياتي العسكرية حتى في أفظع الأفلام السينمائية الحربية فقد كان أمامي ميدان واسع لمذبحه أليمة تمتد إلي أخر البصر فقد كانت تلك الدبابات والعربات المحترقة دليلا علي المعركة الأليمة التي دارت هنا )).

أوضاع القوات المصرية صباح يوم 18 / 10 / 1973.

اللواء 25 مدرع ................... أُبيد تماما عدا عشر دبابات في نقطه كبريت للدفاع .
اللواء 116 ميكانيكي ............. دمر 90% منه .
اللواء 18 ميكانيكي ............... دمر 60% منه من يوم 14.
اللواء الأول مدرع ................ دمر له 80 % بدء من يوم 14.
اللواء 16 مشاه .................... دمر له 90% من معداته ويعاد تجميعه مرة أخري .
عامة الفرقة 21 مدرعة مجرد اسم فقط ، وقوتها لا تصل إلي حجم كتيبتي دبابات .
والفرقة 16 مشاه منهكة اشد الإنهاك من القتال المتواصل ونقص ذخائر م د .
باقي الفرق المصرية شرق القناة لم تتعرض لأي قتال يذكر .
أما غرب القناة فهناك الفرقة الرابعة في الجنوب عدا لواء ، وهناك اللواء الثالث مدرع من احتياطي القيادة العامة ، ولواء حرس جمهوري في القاهرة .
بالإضافة إلي مجموعة صاعقة ولواء مظلات عدا كتيبة .
خطه تصفيه الثغرة يوم 18 أكتوبر .

ضربة من رأس جسر الفرقة 16 مشاه تقوم بها الفرقة 16 و الفرقة 21 المدرعة ضد المزرعة الصينية بهدف إعادة احتلالها ، و ضد النقطة الحصينة في الدفرسوار و غلق ثغرة العبور في الدفرسوار و إعادة الأوضاع كما كانت .
ضربة ضد القوات الإسرائيلية غرب القناة يقوم بها اللواء 23 مدرع من احتياطي القيادة العامة ، يساعده ما تبقي من اللواء 116 ميكانيكي بينما يقوم اللواء 182 مظلات (عدا كتيبه ) باحتلال المصاطب الدفاعية غرب القناة و استخدامها في ضرب القوات الإسرائيلية ، وحماية جنب الفرقة 16 والفرقة 21 عبر القناة .

الفـــــــــــــرقة 21 تذبح .
قوة الهجوم شرق القناة وصلت إلي 80 دبابة بعد أن تم دعمها بكل ما يمكن من دبابات في قطاع الفرقة 16 ، و قبل الهجوم تم قصف مكثف ضد الفرقة 16 أُصيب فيها العميد عبد رب النبي حافظ قائد الفرقة 16 ، وتولي العميد أنور حب الرمان أركان حرب الفرقة القيادة ،
عند بدء تحرك اللواء 18 ميكا وقع تحت قصف جوي ومدفعي عنيف وتوقف عن التقدم و أُضطر للعودة لنقطة دفعه داخل رأس الجسر بعد أن تكبد خسائر عاليه حيث ظهر جليا مدي تأثير طيران العدو بدون غطاء الدفاع الجوي .
اللواء الأول مدرع و أثناء تقدمه أشتبك مع دبابات العدو ، ودمر للعدو 13 دبابة و خسر 41 دبابة ، بدء بهم القتال نظرا لتعرضه للضرب من الأجناب و عاد إلي مواقعه 9 دبابات فقط .
وتحول الهجوم المصري إلي دفاع مستميت ضد الهجوم المضاد الإسرائيلي الذي يقوده امنون بهدف توسيع ممر العبور إلي الشمال و لإنقاذ الموقف تحرك اللواء 24 من قطاع الفرقة الثانية مشاه إلي قطاع الفرقة 16 لمنع تقدم العدو بتعليمات من قائد الجيش الثاني اللواء عبد المنعم خليل .
عمليات اللواء 23 مدرع غرب القناة .
اللواء 23 من الفرقة الثالثة مش ميكانيكي احتياطي القيادة العامة :
وصل اللواء 23 مدرع إلي تقاطع عثمان احمد عثمان يوم 17 وظل مكانه 24 ساعة بدون أوامر ، و في يوم 18 صدرت له الأوامر بالتقدم لتدمير قوة العدو الموجودة بالدفرسوار علي أن تعاونه بقايا اللواء 116 ميكانيكي ، وقوات اللواء 182 مظلات و الصاعقة .
قام قائد اللواء – العميد حسن عبد الحميد بوضع خطة هجوم اللواء علي أساس هجوم بنسق واحد
(( يتساءل المؤرخ جمال حماد في كتابه ص 470 أن هذا اللواء تم سحب كتيبة منه يوم 17 ، و رغم ذلك فأن اللواء قد هاجم بتشكيل مكون من 3 كتائب فهل كان تشكيل اللواء مختلف عن باقي الجيش المصري؟؟؟؟ )) .
وجدير بالذكر أن قوة مدفعية اللواء قد سُحبت منه منذ فترة فهاجم بدون مدفعية .
بعد قصف مدفعي وجوي الساعة 700 صباح يوم 18 أكتوبر تمهيدا لتقدم اللواء ، بدء التقدم و مر بدفاعات اللواء 116 ميكانيكي ، و به قيادة الفرقة 23 ميكانيكي قيادة العميد احمد عبود الزمر ،
و أثناء تقدم اللواء تعرض لضرب مدفعي بعيد المدى من عيارات 155 و 175 ملم ،
و دخل اللواء ارض المعركة ( و كالعادة لعدم وجود استطلاع ) فقد وقع في كمين محكم من دبابات برن وستائر صواريخ م د . و لم يتمكن اللواء من الإفلات وقاتل رجال اللواء ببسالة ، و أُصيب قائد اللواء ، وعادت قوة من 8 دبابات فقط بعد أن قصف الجيش الثاني غلالة دخان لستر ارتداد ما تبقي من اللواء ، و ارتدت الثمان دبابات إلي موقع اللواء 116 ميكانيكي .
و هكذا لحق اللواء 23 مدرع بأخوته الألوية 25 و 1 و14 و 116 و 18 .
و تحولت القوات الإسرائيلية إلي الهجوم المضاد ، فقام لواء مدرع بقيادة ( نيتكا ) بمهاجمة موقع اللواء 116 ميكانيكي ، وكان محور هجومه من الشرق إلي الغرب ، أي أنه يأتي من خلف اللواء ،
و هاجم نيتكا و قاوم اللواء 116 ، و فتحت مدفعية اللواء نيرانها بالضرب المباشر مما احدث خسائر فادحه في لواء نيتكا ، وطوال يومي 18 / 19 أكتوبر لم تكف الاشتباكات مع بقايا اللواء 116 .
الملاحظ هنا هو سرعة رد فعل رجال المدفعية في الخطوط الخلفية عندما رصدوا تقدم لواء نيتكا من خلفهم ، فقد بدئوا الضرب بمدفعية الميدان عيار 120 ملم بضرب مباشر كان يقطع أوصال الدبابات المعادية ، وفي الساعة 900 يوم 19 أكتوبر هاجم نيتكا مرابض مدفعية اللواء ، ودار قتال يصفه الخبراء الإسرائيليون بالخيالي ، و استمرت المعركة لمده 3 ساعات من جانب رجال المدفعية و دبابات نيتكا . و أنقطع الاتصال بالجيش الثاني ، و اتضح بعدها أن دبابات العدو اخترقت دفاعات اللواء ، ووصلت لمقر قيادته ، وقاتل العميد احمد عبود الزمر ببسالة حتى أُستشهد تحت جنزير دبابة إسرائيلية .
وبعد انهيار اللواء 116 ميكانيكي بعد معركة بطولية ، تم سحب ما تبقي منه ، ومن اللواء 23 مدرع إلي منطقة أبو صوير لإعادة التجميع والتنظيم .
و بهذا تنتهي أخر المعارك الرئيسية في حرب أكتوبر المجيدة .

الأحد، 10 أكتوبر 2010

فك الإشتباك





أخوتي أرجو أن تغفروا لي الإسهاب فيما أكتبه ، فالكتابة عن حرب أكتوبر تستحق المثابرة و بذل كل جهد ممكن لأننا نتحدث عن أمجد أيام مصر ، محاولين التوصل للحقيقة كما هي . إليكم التفاصيل "الكاملة" وخرائط مباحثات كم 101، واتفاقيتي الفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية .

فك الاشتباك الأول والثاني.
مباحثات كم 101، واتفاقيتي الفصل بين القوات
أولاً: مباحثات الكيلو 101

كان إيقاف إطلاق النار يوم 28 أكتوبر 1973، نتيجة تصاعد المواجهة بين الدولتين العظميين، وتهديد كل منهما بالتدخل في الشرق الأوسط عسكرياً، فقد هدد الاتحاد السوفيتي بإرسال قواته إلى مصر لإجبار إسرائيل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الثلاث، وشفع تهديده برفع درجات الاستعداد لقواته المنقولة جواً. وقدر الخبراء الأمريكيون، أن الاتحاد السوفيتي لديه الإمكانات والقدرة على نقل 5 آلاف جندي بمعداتهم يومياً. وعلى الفور، هدد الرئيس الأمريكي، بالتدخل عسكرياً ضد الاتحاد السوفيتي، وأتبع ذلك التهديد، بتحريك الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط، ليقترب من مسرح الأحداث، ودعمه بعدة حاملات طائرات وسفن سطح أخرى، كما رفع درجة استعداد القواعد الأمريكية في كل أنحاء العالم للدرجة القصوى، وأنذرت الفرقة 82 المحمولة جواً للتحرك الفوري. وأصبح العالم على حافة مواجهة نووية، بسبب عدم تنفيذ إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة، واستمرارها في أعمالها القتالية، ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية لها. كانت الاتصالات بين مصر، والولايات المتحدة الأمريكية مستمرة على المستوى السياسي ، الغير رسمي [ كانت بين مستشار الرئيس المصري للأمن الوطني محمد حافظ إسماعيل، ونظيره الأمريكي هنري كيسنجر الذي كان قد تولى مسؤولية وزارة الخارجية ، نيابة عن الرؤساء ] ، طيلة يومي 25، 26 أكتوبر، للتوصل إلى اتفاق بإمداد قوات الجيش الثالث في الشرق بالمواد الطبية اللازمة. وقد أصر الرئيس المصري، على استخدام لهجة متشددة نسبياً، عندما طلب من مستشاره للأمن الوطني، أن ينقل عن لسانه إلى المستشار الأمريكي كيسنجر ، "أن استمرار الوضع، سيؤثر على الزيارة المرتقبة لكيسنجر إلى القاهرة، وقد تضطر مصر لاتخاذ إجراءات أخرى لفتح طريق الإمداد للجيش الثالث". كذلك كان وزير خارجية مصر يدعو إلى اجتماع لمجلس الأمن، وأن مصر ستكون مضطرة لعمل فردي".كان كيسنجر قد أرسل، إلى الرئيس السادات يوم 26 أكتوبر، يخطره أنه أخطر إسرائيل بمقترحين :
الأول : دعوة مراقبين دوليين للتوجه فوراً للمنطقة ومراقبة وقف إطلاق النار . الثاني : السماح بمرور رتل واحد باحتياجات غير عسكرية لمدينة السويس، وقوات الجيش الثالث، في الشرق . وأثناء انعقاد مجلس الأمن، بناء على طلب مصر، فجر يوم 27 أكتوبر، أرسل كيسنجر، رسالة جديدة ، يخطر فيها مستشار الرئيس للأمن الوطني، بموافقة إسرائيل على إجراء محادثات مباشرة مع مصر لحل مشكلتي وقف إطلاق النار، وإمداد المحاصرين، على أن تحدد مصر المكان والموعد وممثلها في المباحثات. وبعد مشاورات أُخطر كيسنجر باقتراح مصر مساء يوم 27 أكتوبر كموعد للقاء، وأن يتم عند علامة كم 101 طريق القاهرة ـ السويس، تحت إشراف الأمم المتحدة، والسماح لرتل واحد بالمرور بإمدادات غير عسكرية إلى الجيش الثالث، تحت إشراف الأمم المتحدة كذلك، وتعيين اللواء محمد عبدالغني الجمسي ممثلاً لمصر. وقد وافقت إسرائيل بعد ظهر اليوم نفسه على المقترحات المصرية. بناء على مقترحات الجمسي، عند إخطاره بالمهمة التي كُلف بها، شُكل وفد برئاسته، وعضوية العميد فؤاد هويدي من الاستخبارات العسكرية، والمستشار عمر سري من وزارة الخارجية ( بصفته مستشاراً فقط ) [ انضم لهم فيما بعد اللواء طه المجدوب، من هيئة العمليات ]. وقد تم الاجتماع الأول، متأخراً عدة ساعات، لمشاكل في التبليغ بين الطرفين، عن طريق الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يختلف توقيتها عن توقيت المنطقة ( بدأ الاجتماع الأول، الساعة الواحدة والنصف صباح يوم 28 أكتوبر، واستمر لمدة ثلاث ساعات، داخل المنطقة التي تحت سيطرة القوات الإسرائيلية.( كان ممثل إسرائيل ، الجنرال هارون ياريف الذي كان يعمل مديراً للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قبل حرب يونيه 1967، وقد انتهت مدة خدمته، ثم استدعي أثناء حرب أكتوبر 1973، ليعمل مساعداً لرئيس الأركان للمهام الخاصة، وهو وثيق الصلة برئيسة الوزراء، جولدا مائير، وله دراية تامة بالموقف السياسي العربي / الإسرائيلي. وكان الجمسي يعلم كل شئ عنه] ، كما أرسل قائد قوات الطوارئ الدولية، مندوباً عنه ليشرف على المباحثات. وقد حدد ممثل مصر الهدف من الاجتماع، بتنفيذ قراري مجلس الأمن الرقم 338، 339 لذلك فإن النقاط المطلوب الاتفاق عليها هي:
1 - الفصل بين القوات ، حتى تتمكن قوات الطوارئ الدولية من العمل بكفاءة لتثبيت وقف إطلاق النار.
2 - إمداد مدينة السويس، وقوات الجيش الثالث بإمدادات غير عسكرية، وقد تم الاتفاق على هذه النقطة على المستوى السياسي.حاول ممثل إسرائيل التسويف ، بالتحدث عن السلام، والعلاقة بين إسرائيل والعرب ، والموقف العسكري ، وغيرها من الموضوعات البعيدة عن النقطة الأساسية (تنفيذ قراري مجلس الأمن الرقم 338، 339)، لذلك طالبه ممثل مصر بالالتزام بالموضوعات التي من أجلها تم الاجتماع، ورد ممثل إسرائيل بموضوعات متشعبة عن إجراءات تثبيت وقف إطلاق النار من وجهة نظر إسرائيل ، وكيف يتم تخفيف التوتر على الجبهة ، وتبادل الأسرى ، وبقاء قوات إسرائيلية على طريق القاهرة / السويس. و تكررت الاجتماعات بين الجانبين المصري والإسرائيلي، ونوقشت عدة موضوعات تمثل نقاط الخلاف بين الطرفين، وهي :
1 - عناصر تثبيت وقف إطلاق النار.
2 - عودة القوات الإسرائيلية لخطوط وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر.
3- أسرى الحرب.
4 - الإمدادات المطلوبة لمدينة السويس والقوات المحاصرة شرقاً.
5 - أسلوب عمل قوات الطوارئ الدولية.

أتخذ، الرئيس السادات قراراً بإرسال، القائم بأعمال وزير الخارجية، إسماعيل فهمي، إلى واشنطن، كمبعوث خاص للرئيس الأمريكي نيكسون [عُين وزيراً للخارجية أثناء وجوده في واشنطن ]، وقد بحث إسماعيل فهمي مع الرئيس الأمريكي عدة نقاط ، تمثل وجهة نظر الخارجية المصرية، وهي:
1- انسحاب إسرائيل إلى خطوط 22 أكتوبر.
2 - إطلاق سراح كل أسرى الحرب.
3 - انسحاب إسرائيل إلى خطوط، تحدد فيما بعد، داخل سيناء، شرق الممرات.
4 - تبقى القوات المصرية في مواقعها شرق القناة.
5 - تنتشر قوات الطوارئ الدولية بين الطرفين.
6 - ترفع مصر الحصار عن مضيق باب المندب، بالبحر الأحمر.
7 - تقوم مصر بتطهير قناة السويس من العوائق.
8 - خلال فترة يتم الاتفاق عليها، تنسحب إسرائيل من كل سيناء، إلى الحدود الدولية.
9 - تنتهي حالة الحرب.

كانت وجهة نظر الخارجية، في شكل مشروع ذو خطوات متتالية، يجب تنفيذ كل خطوة بعد أن تُنفذ التي تسبقها. وكان انطباع الوزير المصري، أن الأمريكيين قد تغيروا وأنهم ينظرون الآن إلى مصر، على أنها دولة ذات دور حيوي للسلام في المنطقة. وقد وافق الرئيس الأمريكي على طلب الوزير المصري، بأن تضمن الولايات المتحدة ، ألا تبدأ القوات الإسرائيلية، غرب القناة، أي أعمال عسكرية. استؤنفت مباحثات كم 101، في جلسات متتابعة، على مراحل ثلاث، الأولى تمت كلها في كم 101 على طريق القاهرة السويس، وانتهت باتفاقية النقاط الست، والثانية تمت بين القاهرة وجنيف، ولم تصل لشئ، والثالثة، تمت بين أسوان والقدس، وانتهت باتفاق فك الاشتباك.

ثانياً: المرحلة الأولى للمباحثات

تمت المباحثات، في هذه المرحلة، كلها في مصر، في منطقة كم 101، على طريق القاهرة ـ السويس، في الفترة من 28 أكتوبر، إلى 11 نوفمبر 1973. تم خلال جلسات المباحثات السبع ، تحقيق عدة نقاط، مما طرحها الطرفين وهي:
1 - تثبيت وقف إطلاق النار، حيث انتشرت نقاط المراقبة، لقوات الطوارئ الدولية، على خطوط وقف إطلاق النار، بين الطرفين، واستطاعت احتواء الاشتباكات الحادثة بينهما.
2 - تبادل الطرفان الأسرى والجرحى، تحت إشراف الأمم المتحدة، والصليب الأحمر.
3 - استمر إمداد مدينة السويس، والقوات الموجودة بالشرق من الجيش الثالث ، بالإمدادات الغير عسكرية، كما تم إخلاء الجرحى، وتغير الحاكم العسكري لمدينة السويس بآخر، أرسلته القيادة العامة، وقد باشر إعادة تنظيم الدفاع عن المدينة، وتدريب المتطوعين تدريباً راقياً، وتنظيمهم في وحدات للدفاع الشعبي.كانت النقطة الأساسية للمباحثات، هي فك الاشتباك بين الطرفين بالفصل بين قواتهما ، لاختلاف وجهة نظر كل طرف. كان المصريون يرون ضرورة عودة القوات الإسرائيلية إلى خطوط 22 أكتوبر، مما يحل مشاكل إمداد السويس والقوات المحاصرة في الشرق كذلك، بينما كانت إسرائيل ترى ضرورة تبادل الأسرى والجرحى، لأنها تشكل ضغطاً داخلياً على الحكومة [طبقاً للمعتقدات الدينية لليهود، في إسرائيل، يجب أن تدفن الجثث في أرض إسرائيل، وكان يترتب على عدم دفنها في الأرض الموعودة مشاكل دينية للميت ، ومشاكل مدنية اجتماعية لأسرته ]. كانت الحكومة الإسرائيلية تراوغ ، عن طريق مفاوضيها، في تنفيذ الانسحاب إلى خطوط 22 أكتوبر، وكانت تطرح الاقتراح تلو الآخر ، دون أن يكون هناك جدية لتنفيذ هذه المقترحات أصلاً، لذلك جاءت المقترحات غير مطابقة للواقع، ويصعب حتى مناقشتها. على الجانب الآخر، ربط المفاوض المصري، عملية تبادل الأسرى والجرحى ، بما يحرز من نجاح في عملية فك الاشتباك بين القوات والعودة إلى خطوط 22 أكتوبر. وقد وصلت المباحثات إلى درجة الجمود ، فلم يعد هناك ما يقال ، بعد أن تمسكت إسرائيل ، بعدم مناقشة الانسحاب ، إلا بعد أن يتم تبادل الأسرى ، و هو ما تم .فجأة، وصل الدكتور كيسنجر، إلى القاهرة، يوم 6 نوفمبر 1973، وأجرى مباحثات مع الرئيس السادات، ووضع مشروع اتفاق من 6 نقاط ، وافقت عليها مصر و إسرائيل.

ثالثاً: اتفاقية النقاط الست.
نصت الاتفاقية، التي وقعت بين مصر و إسرائيل، يوم 11 نوفمبر 1973، وتحت إشراف الأمم المتحدة على الآتي:
1 - يتعين على مصر وإسرائيل، أن تلتزما بدقة، بوقف إطلاق النار، الذي دعا إليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
2 - تبدأ المحادثات فوراً، بين البلدين بهدف تسوية مسألة العودة إلى خطوط 22 أكتوبر، ضمن خطة لاتفاق "لفك الاشتباك"، وفصل القوات، تحت إشراف الأمم المتحدة.
3 - يتعين أن تحصل مدينة السويس، على إمدادات يومية، من طعام وماء وأدوية، ونقل الجرحى منها.
4 - لا تفرض أي عوائق، تمنع نقل إمدادات غير عسكرية، إلى الضفة الشرقية للقناة.
5 - تحل مراكز تفتيش، تابعة للأمم المتحدة، محل المراكز الإسرائيلية على طريق القاهرة ـ السويس. وفي نهاية الطريق من جانب السويس ، يمكن للضباط الإسرائيليين ، أن يشتركوا، مع مسؤولي الأمم المتحدة، في التحري عن طبيعة الإمدادات، غير العسكرية!!!!
6 - بمجرد إقامة نقاط التفتيش التابعة للأمم المتحدة، على طريق القاهرة ـ السويس، يبدأ تبادل أسرى الحرب بمن فيهم الجرحى.أوضح فيما بعد، وزير الخارجية المصري، أن هذه النقاط، تمت مناقشتها مع نيكسون، وكانت مشروع مقدم له من كيسنجر، وأن الرئيس السادات، قد وافق على تبادل الأسرى، بعد إقامة نقاط التفتيش، وهو ما كان يعترض عليه وزير الخارجية، ووزير الحربية، والمفاوضون المصريون كذلك. وكانوا يربطون تبادل الأسرى، بالنقطة الثانية في الاتفاقية وهي العودة إلى خطوط يوم 22 أكتوبر. و هم كانوا علي حق لأن ما حدث بعد ذلك أن الموضوع الرئيسي لمصر و هو عودة إسرائيل لخطوط 22 / أكتوبر 1973 لم يُحل . بدأ على الفور، في اليوم التالي لتوقيع الاتفاقية، سلسلة اجتماعات لتنفيذ ما جاء بها، وقد وضعت جداول زمنية للتنفيذ، شمل 5 نقاط من الستة، حيث بقيت، كما هو متوقع، النقطة الثانية، الخاصة بالعودة إلى خطوط 22 أكتوبر من دون حل ، وفقد المفاوض العسكري المصري، ورقة ضغط قوية، كانت لمصلحته، وهي الأسرى.

رابعاً: المرحلة الثانية للمباحثات
جرت مباحثات هذه المرحلة، في الفترة من 13 نوفمبر إلى 13 ديسمبر 1973، للاتفاق على أسلوب تنفيذ النقطة الثانية في الاتفاق الأول، وقد جرى جزء من المباحثات في مصر، وأخرى في جنيف، في إطار مؤتمر السلام، الذي عقد في مقر الأمم المتحدة الأوروبي. وقد أثير أثناء المباحثات عدة موضوعات فرعية، أتفق على حلول لمعظمها، بينما ظلت النقطة الأساسية، دون اتفاق. كان قد أتفق على تشكيل لجنة عسكرية من الطرفين لبحث الموضوعات التي تعثر الاتفاق عليها في مباحثات كم 101، في إطار مؤتمر السلام في جنيف. وقد تعين اللواء طه المجدوب، رئيساً للجانب المصري، ورأس الجانب الإسرائيلي الجنرال مردخاي جور ، و رأس وفد الأمم المتحدة الجنرال سيلاسفيو، وعقدت اجتماعات ستة من 26 ديسمبر 1973، إلى 9 يناير 1974. ولم تحقق المباحثات في جنيف أي تقدم. وللمرة الثانية، يظهر كيسنجر فجأة، بوصوله القاهرة يوم 13 ديسمبر 1973، ليعلن أن موضوع فك الاشتباك سيكون في جدول أعمال مؤتمر جنيف، وقد تم ذلك فعلاً ، ولكن اللجان العسكرية، لم تتوصل إلى نتيجة، ولم يتم أي اتفاق.
خامساً: المرحلة الثالثة للمباحثات
انتقلت المباحثات، في هذه المرحلة، إلى أسوان أحيانا (( حيث كان الرئيس السادات، يقيم لفترة )) والقدس أحياناً، حيث كان كيسنجر يقوم بزيارات مكوكية بين المدينتين، فقد كانت المباحثات تتم في شكل مقترحات يقدمها كيسنجر للطرفين ، خلال رحلاته المكوكية، ويبحثها كل طرف على حده ، ليرد عليها في زيارة تالية. لم تستغرق المرحلة أكثر من أسبوع واحد (سبعة أيام)، فقد وصل كيسنجر إلى أسوان يوم 11 يناير 1974، وتوصل إلى اقتراح وافق عليه الطرفان ، ثم وقعت اتفاقية لفك الاشتباك والفصل بين القوات يوم 18 يناير 1974، في منطقة المباحثات الأولى، عند كم 101 طريق القاهرة ـ السويس. وقع عن مصر رئيس الأركان المصري، الفريق محمد عبدالغني الجمسي [بدلاً من الفريق سعد الدين الشاذلي الذي أقيل يوم 12 ديسمبر 1973، عقب خلاف حاد بينه وبين الرئيس السادات، ووزير الحربية أحمد إسماعيل علي كذلك.]، وعن إسرائيل، رئيس أركانها الجنرال دافيد إليعازر، وتم تبادل وثائق التنفيذ يوم 24 يناير 1974، حيث بدء في تنفيذ الاتفاق من اليوم التالي. وانتهت آخر الخطوات فيه يوم 5 مارس 1974.
سادساً: أوضاع القوات، طبقاً لاتفاق فك الاشتباك .
(( خريطة خطوط فك الاشتباك الأول )) خريطة 1 .
بعد أن نفذت قوات الطرفين، مصر وإسرائيل، ما تم الاتفاق عليه في اتفاق الفصل بينهما، أصبحت أوضاع القوات كالآتي: - 1 القوات المصرية، شرق القناة، على شريحة من الأرض من الضفة الشرقية للقناة، حتى الخطوط التي وصلت إليها في الحرب (6 ـ 22 أكتوبر 1973). وسميت هذه المنطقة بالمنطقة "المحدودة القوات والتسليح"، ورمز للخط الأمامي لها بالخط "أ ـ أ"، والمنطقة " أ ". - 2 القوات الإسرائيلية، انسحبت من غرب القناة، وتحتل شريحة أرض، في سيناء، من غرب الممرات (متلا ـ الجدي)، ويرمز للخط الأمامي لها بالخط "ب ـ ب"، والمنطقة " ب " بينما يرمز لخط المضايق بالرمز "ج ـ ج".3 - تعمل قوات الطوارئ الدولية، في المنطقة العازلة بين الخط الأمامي للقوات المصرية (أ ـ أ) والخط الأمامي للقوات الإسرائيلية (ب ـ ب(.4 - يسمح للقوات الجوية للطرفين، بالعمل على الخط الأمامي لكل منهما، من دون تدخل من الجانب الآخر.حددت القيود، التي يجب أن يلتزم بها قوات الطرفان، التي تعمل في المناطق محدودة القوات والتسليح (أ، ب)، وهي التي وافق عليها كل منهما، بما لا يزيد عن 7000 مقاتل، ينظمون في 8 كتائب، 30 دبابة، وعدد محدود من المدافع (( حُددت أنواعها وأعيرتها كذلك )) كما نص على عدم إقامة قواعد صواريخ للدفاع الجوي ، منطقة 30 كم من الخط الأمامي المصري (أ ـ أ)، وإلى الشرق من الخط الأمامي الإسرائيلي (ب ـ ب). واتفق على أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية، بطلعات استطلاع جوي منتظمة ، للإشراف على التزام الطرفين ، بنصوص الاتفاق، وتبلغ نتائج الطلعات للطرفين.
سابعاً: اتفاقية فض الاشتباك الثانية
(( شكل خطوط فك الاشتباك الثاني ))خريطة 2 .
جرت العديد من الاتصالات بين مصر، والولايات المتحدة الأمريكية، في مستويات مختلفة، وأُتفق على أن يستأنف كيسنجر، جولة جديدة، للتوصل إلى اتفاق جديد، لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، على غرار الجولات المكوكية السابقة. وكانت مصر قد حددت في هذه المرة مطالبها ، بضرورة سحب إسرائيل قواتها إلى خط جديد بين العريش شمالاً، ورأس محمد جنوباً، وعودة حقول النفط المصرية، على الساحل الشرقي لخليج السويس في رأس سدر، وأبو رديس، وبلاعيم، للإدارة المصرية. إلا أن إسرائيل طالبت ، بإنهاء حالة الحرب ،رغم أنها مازالت تحتل الأرض ، ورفضت مصر المطلب الإسرائيلي ، إذ أن حالة الحرب لا تنتهي إلا في إطار حل شامل لكل المشكلات التي نتجت عن الصراع العربي الإسرائيلي ، وتمسكت إسرائيل بمطلبها ، كما أعلنت أنها لا تنوي الانسحاب كلياً من منطقة الممرات الإستراتيجية في سيناء ، وقد تنسحب جزئياً منها ـ حتى منتصف الممرات فقط. أبلغت مصر كيسنجر، بأن لا التزام سياسي عليها مقابل انسحاب إسرائيل الكامل من الممرات حتى الخط الذي حددته مصر، وفي حالة عدم موافقة إسرائيل على مقترحات مصر ، فإن على كيسنجر إنهاء مهمته التي كانت قد بدأت في مارس 1975. وقد عاد كيسنجر، إلى واشنطن، من دون التوصل إلى اتفاق، بعد الرد الإسرائيلي على مقترحات مصر. أول يونيه 1975، التقي الرئيس الأمريكي جيرالد فورد، مع الرئيس المصري أنور السادات في النمسا. وبحثا معاً معوقات المباحثات، واتفقا على إرسال فريق عسكري أمريكي، إلى منطقة الممرات في سيناء، لإجراء مسح لها وإقامة نظام مراقبة وإنذار إلكتروني. وعلى أثر ذلك، واصل كيسنجر جولاته في آخر أغسطس 1975، بين القاهرة ، وتل أبيب، ونجح للتوصل إلى مشروع نهائي، لاتفاق جديد لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل. على الرغم من أن إسرائيل، كانت تحاول ، إعطاء الاتفاق طابعاً سياسياً، لذلك طالبت بتوقيعه من سياسيين من الطرفيين، وهو ما رفضته مصر ، وتجنبته طوال المراحل السابقة كذلك ، فلا يوجد علاقة سياسية مع إسرائيل بعد. وتم التوقيع في البلدين، بالأحرف الأولى على الاتفاق، بواسطة رؤساء أركان الدولتين.

البنود الرئيسية في الاتفاق

1- التعهد بعدم استخدام القوة في حل الخلافات، والامتناع عن أي أعمال عسكرية.
2 - انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خط شرق الممرات (60 كم من القناة ).
3 - تتقدم القوات المصرية إلى خط غرب الممرات مباشرة. (( بمعني أننا حتى هذه اللحظة لم نركب الممرات أو ما يسمي بالمضايق و هي مواقع إستراتيجية )) .
4 - تنشأ منطقة عازلة (في الممرات)، تفصل بين الجانبين، وتشغلها قوات الطوارئ الدولية.
5 - السماح بمرور السفن المتجه إلى إسرائيل في قناة السويس ، طالما كانت شحناتها غير عسكرية.
6 - تعتبر الاتفاقية، خطوة هامة نحو سلام عادل ودائم. كما أنها ليست اتفاقية سلام نهائية.
7 - تم الاتفاق على إنشاء محطة إنذار مبكر إستراتيجية، لكل طرف على جانبي المنطقة العازلة في مضيق الجدي ، للمراقبة والإنذار . ونظام الإنذار التكتيكي المبكر ، في منطقة الممرات، بواسطة عناصر مدنية، أمريكية، للإشراف على مضيقي متلا والجدي، داخل المنطقة العازلة.
8 - يتضمن هذا النظام، 3 محطات مراقبة الكترونية، تكون مهمتها، كشف أي تحركات للقوات المسلحة للطرفين، قد تخترق أو تدخل أي من الممرين بقواتها، وإبلاغ ذلك للأطراف المعنية.





السبت، 9 أكتوبر 2010

دموع الفريق الجمسي



عاش رئيس هيئة العمليات المسئول الأول عن التحركات الميدانية للمقاتلين ساعات عصيبة حتى تحقق الانتصار، لكن أصعبها تلك التي تلت ما عرف بثغرة الدفرسوار التي نجحت القوات الصهيونية في اقتحامها، وأدت إلى خلاف بين الرئيس السادات ورئيس أركانه وقتها الفريق سعد الدين الشاذلي الذي تمت إقالته على إثرها ليتولى الجمسي رئاسة الأركان، فأعد على الفور خطة لتصفية الثغرة وأسماها "شامل"، إلا أن السادات أجهضها بموافقته على فض الاشتباك الأول عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر للقاهرة! لم تنته الساعات العصيبة في حياة الجمسي؛ فقد عاش ساعات أقسى وأصعب؛ هي ساعات المفاوضات مع عدو ظل يقاتله طيلة أكثر من ربع قرن.
قرر السادات تعيين اللواء محمد الجمسي ( رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة) ممثلا لمصر في المباحثات التي تتم مع إسرائيل تحت إشراف قوة الطوارئ الدولية عند الكيلو 101علي طريق السويس لإجراء مباحثات لتثبيت وقف إطلاق النيران بين الطرفين, وقد أوضح الجمسي أنه لا يرغب في تنفيذ هذه المهمة حيث أنه أمضى حياته العسكرية كلها في حرب ضد إسرائيل, إلا أن السادات كان له رأي مختلف إذ أن الجمسي بحكم عمله رئيسا لهيئة العمليات يلم بأوضاع القوات المصرية وقوات العدو في الجبهة وأنه أنسب من يمثل مصر في هذه المباحثات وأقيم أول اجتماع في الساعة 1.30 صباحا يوم 28/3/1973 وتم النشر عن هذا الاجتماع في الجرائد وكان هذا أول ظهور أسم الجمسي إعلاميا في الجرائد.كان الوصول إلى مكان الاجتماع ملئ بالمخاطر, كان الجنود المصريون في الخطوط الأمامية يعترضون الوفد المصري ويشهرون أسلحتهم ويسألون عن أسباب المرور في اتجاه العدو, وكان الجمسي يصرح لكل حارس في كل موقع (كلمة سر الليل) للوحدة وكان يحدد له أسم وحدته وأسم قائده, عند وصول الوفد المصري لمكان الاجتماع أصطف الضباط الإسرائيليون برئاسة الجنرال أهارون ياريف وقاموا بتأدية التحية العسكرية وقام الوفد المصري برد التحية للجانب الإسرائيلي, وكانت تعليمات الجمسي لإعضاء الوفد المصري ألا يبدأوا التحية للجانب الإسرائيلي لأنهم في الجانب المنتصر في الحرب.وبدا الرجل مفاوضا صلبا مثلما كان عسكريا صلبا، بعد سبعة اجتماعات مع الجانب الإسرائيلي طلب الجمسي وقف الاجتماعات لأنها لم تعد مجدية ووصلت إلي طريق مسدود ولم تحقق نتائج إيجابية عن فك الاشتباك و الفصل بين القوات للخلاف الجوهري بين وجهة النظر المصرية و الإسرائيلية, وتوقفت هذه المباحثات.
حتى جاءت أصعب لحظات عاشها الرجل في حياته كلها، لحظات دفعته -لأول مرة في حياته العسكرية- لأن يبكي! كان ذلك في يناير
1974 عند استكمال المباحثات في أسوان عندما جلس أمامه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر ليخبره بموافقة الرئيس السادات على انسحاب أكثر من 1000 دبابة و70 ألف جندي مصري من الضفة الشرقية لقناة السويس وتخفيض القوات المصرية في سيناء إلي 7000 رجل و 30دبابة!! فرفض الجمسي ذلك بشدة، وسارع بالاتصال بالسادات الذي ما كان منه إلا أن أكد موافقته؛ ليعود الرجل إلى مائدة التفاوض يقاوم الدموع، ثم لم يتمالك نفسه فأدار وجهه ليداري دمعة انطلقت منه حارقة؛ حزنا على نصر عسكري وأرواح آلاف الرجال تضيعها السياسة على موائد المفاوضات (( القمار )). وكانت مفاجأة لهنري كيسنجر أن يرى دموع الجنرال الذي كثيرا ما أسرّ له القادة الإسرائيليون بأنهم يخشونه أكثر مما يخشون غيره من القادة العسكريين العرب.

الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

رجل من رجالات أكتوبر / المشير أحمد إسماعيل


كانت حياة أحمد إسماعيل مجموعة من المفارقات الغريبة لعب فيها القدر دورا كبيرا في رسم شخصيته ، قبل أن يولد كانت والدته قد أنجبت قبله ستة بنات ولما حملت فيه فكرت في إجهاض نفسها خشية أن يكون المولود بنتا أخرى لكنها لم تفعل، وجاء المشير أحمد إسماعيل إلى الدنيا في 14 أكتوبر 1917 في المنزل رقم 8 بشارع الكحالة الشرقي بشبرا.كان والده ضابط شرطة وصل إلى درجة مأمور ضواحي القاهرة ، وعقب حصول أحمد إسماعيل على الثانوية العامة من مدرسة شبرا الثانوية حاول الالتحاق بالكلية الحربية لكنه فشل فالتحق بكلية التجارة وبعد مرور عام على وجوده في كلية التجارة حاول الالتحاق بالكلية الحربية مرة ثانية لكنه فشل مرة أخرى.وفي عام 1934 وكان وقتها في السنة الثانية قدم أوراقه مع الرئيس الراحل أنور السادات إلى الكلية الحربية للمرة الثالثة لكن الكلية رفضت طلبهما معا لأنهما من عامة الشعب إلا أنه لم ييأس وقدم أوراقه بعد أن أتم عامه الثالث بكلية التجارة ليتم قبوله أخيرا بعد أن سمحت الكلية للمصريين بدخولها.كان زميلا لكل من الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس جمال عبد الناصر في الكلية الحربية حيث شهد عام 1938 تخريج دفعتين الأولى تخرج فيها البطل عبد المنعم رياض والثانية تخرج فيها جمال عبد الناصر وأحمد إسماعيل. وبعد تخرجه برتبة ملازم ثان التحق بسلاح المشاة وتم إرساله إلى منقباد ومنها إلى السودان، ثم سافر في بعثة تدريبية مع بعض الضباط المصريين والإنجليز إلى ديرسفير بفلسطين عام 1945 وكان ترتيبه الأول.أشترك في الحرب العالمية الثانية - التي دخلتها مصر رُغما عنها بسبب وقوعها تحت الاحتلال البريطاني – كضابط مخابرات في الصحراء الغربية حيث ظهرت مواهبه في هذا المضمار.شارك في حرب فلسطين عام 1948 كقائد سرية، وكان أول من ينشئ قوات الصاعقة في تاريخ الجيش المصري كما شارك في إنشاء القوات الجوية. وفي عام 1950 حصل على الماجستير في العلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول، وعين مدرسا لمادة التكتيك بالكلية لمدة 3 سنوات، تمت ترقيته عام 1953 لرتبة لواء.وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 تصدى له كقائد للواء الثالث في رفح ثم في القنطرة شرق وكان أول من تسلم بورسعيد بعد العدوان التحق عام 1957 بكلية مزونزا العسكرية بالإتحاد السوفيتي ثم عمل كبير معلمين في الكلية الحربية عام 1959 وتركها بعد ذلك ليتولى قيادة الفرقة الثانية مشاة التي أعاد تشكيلها ليكون أول تشكيل مقاتل في القوات المسلحة المصرية.تولى قيادة قوات سيناء خلال الفترة من عام 1961 حتى عام 1965، وعند إنشاء قيادة القوات البرية عين رئيسا لأركان هذه القيادة وحتى حرب 1967.بعد النكسةبعد أيام من النكسة أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارا بإقالة عدد من الضباط وكبار القادة وكان من بينهم أحمد إسماعيل، وبعد أقل من 24 ساعة أمر الرئيس عبد الناصر بإعادته للخدمة وتعيينه رئيسا لهيئة العمليات. تم تعيينه في العام نفسه قائدا عاما للجبهة، وكان لديه شعور وإحساس قوي أن الجيش المصري لم يُختبر في قدراته وكفاءته خلال حرب 1967 ولم يأخذ فرصته الحقيقية في القتال، وكان يعتقد أن المقاتل المصري والعربي لم تتح له الفرصة لمنازلة نظيره الإسرائيلي منازلة عادلة لأنه لو أتيحت له هذه الفرصة لكانت هناك نتيجة مغايرة تماما لما حدث في النكسة.وكان على قناعة تامة بأنه لا يمكن استرداد الأرض المصرية والعربية التي سلبتها إسرائيل عام 1967 بدون معركة عسكرية تغير موازين المنطقة وترفع لمصر والعرب هامتهم، لذلك بدأ في إعادة تكوين القوات المسلحة فأنشأ الجيشين الثاني والثالث الميدانيين، وكان له الفضل في إقامة أول خط دفاعي للقوات المصرية بعد 3 أشهر من النكسة.جمع شتات القوات العائدة من سيناء وأعاد تنظيمها وتسليحها وخلال فترة وجيزة خاض بهذه القوات معارك أعادت الثقة للجندي المصري في رأس العش، والجزيرة الخضراء ودمرت القوات البحرية المدمرة الإسرائيلية إيلات.بعد استشهاد الفريق عبد المنعم رياض في 9 مارس 1969 أختاره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليتولى منصب رئيس الأركان وهو المنصب الذي اُعفي منه في العام نفسه حينما أعفاه الرئيس عبد الناصر من جميع مناصبه!.عكف بعد إعفائه من مناصبه على كتابة خطة حربية مثالية لاستعادة سيناء وأنهى هذه الخطة بالفعل معتمدا على خبرته وما يملكه من قراءات موسوعيه في التاريخ العسكري، وقرر إرسال الخطة للرئيس عبد الناصر لكنه أحجم عن ذلك في اللحظة الأخيرة. بعد وفاة الرئيس عبد الناصر عام 1970 وتولى الرئيس أنور السادات تم تعيين أحمد إسماعيل في 15 مايو 1971 مديرا للمخابرات العامة وبقى في هذا المنصب قرابة العام ونصف العام حتى 26 أكتوبر 1972 عندما أصدر الرئيس السادات قرارا بتعيينه وزيرا للحربية وقائدا عاما للقوات المسلحة خلفا للفريق محمد صادق ليقود إسماعيل الجيش المصري في مرحلة من أدق المراحل لخوض ملحمة التحرير. وقد كتب الفريق أول ( أحمد إسماعيل ) ظروف تعيينه وزيراً للحربية وقائداً عاماً للقوات المسلحة بقلمه حيث قال : ( كان هذا النهار أحد الأيام الهامة والحاسمة في حياتي كلها ، بل لعله أهمها على الإطلاق .. التاريخ 26 أكتوبر 1972- 19 رمضان 1392هـ حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر ، والمكان .. منزل الرئيس السادات بالجيزة .. كنا – سيادته وأنا – نسير في حديقة المنزل .. لم أكن أدرى سبب استدعائي ، ولكنى توقعت أن يكون الأمر هام وخطير ، وبعد حديث قصير عن الموقف حدث ما توقعته حيث أبلغني سيادته بقرار تعييني وزيرا للحربية اعتبارا من ذلك اليوم ، وفى نفس الوقت كلفني بإعداد القوات المسلحة للقتال بخطة مصرية خالصة تنفذها القوات المسلحة المصرية ليتخلص بها الوطن من الاحتلال الصهيوني ، كان لقاؤه لي ودوداً إلى أقصى حد ، وكان حديثه معي صريحاً إلى كل حد ، وعندما أنتهي اللقاء ركبت السيارة لتنطلق في شوارع القاهرة وشريط من الذكريات والأحداث والظروف تمر في ذهني وأمام عيني .. هآنذا أعود مرة أخرى لارتدى الملابس العسكرية حيث كانت آخر مرة خلعتها يوم 12 سبتمبر 1969م عندما أبلغني الفريق محمد فوزي وزير الحربية قرار إعفائي من منصبي كرئيس للأركان ، وأذكر وقتها أنني قلت لوزير الحربية : ( كل ما أرجوه أن أتمكن من الاشتراك في القتال عندما يتقرر قيام القوات المسلحة بحرب شاملة ضد إسرائيل ، وفى هذه الحالة أرجو أن أعود إلى الخدمة ، ولو كقائد فصيلة أو جندي ) . في 28 يناير 1973 عينته هيئة مجلس الدفاع العربي قائدا عاما للجبهات الثلاث المصرية والسورية و الأردنية.منحه الرئيس السادات رتبة المشير في 19 فبراير عام 1974 إعتبارا من السادس من أكتوبر عام 1973 وهي أرفع رتبة عسكرية مصرية، وهو أول ضابط مصري على الإطلاق يصل لهذه الرتبة.تم تعيينه في 26 أبريل 1974 نائبا لرئيس الوزراء.وفاتهسقط المشير أحمد إسماعيل بعد كل هذه الأعباء التي تحملها في حياته فريسة لسرطان الرئة، وفارق الحياة يوم الأربعاء ثاني أيام عيد الأضحى 25 ديسمبر 1974 عن 57 عاما في أحد مستشفيات لندن بعد أيام من اختيار مجلة الجيش الأمريكي له كواحد من ضمن 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكا جديدا.لم يتمكن المشير – رحمه الله – من كتابة أهم كتاب عن حرب أكتوبر لكنه كان يكرر دائما أن الحرب كانت منظمة ومدروسة جدا وأن أى صغيرة أو كبيرة خضعت للدراسة وأن شيئا لم يحدث بالصدفة.قال له الرئيس السادات قبل الحرب بأيام: هي الحرب يوم أيه؟فقال: السبت.قال السادات: و النهاردة أيه؟قال: الثلاثاءفقال السادات مازحاً: أنا خايف يوم السبت الجاي تكون جثتك متعلقة في ميدان التحرير !!فقال إسماعيل: وأنا موافق من أجل مصرمن أقواله- لقد حققنا إنتصارا كبيرا بل حققنا إنتصارا مضاعفا لأننى تمكنت من الخروج بقواتي سليمة بعد التدخل الأمريكي السافر في المعركة.- كانت سلامة قواتي شاغلي طوال الحرب لذلك قال بعض النقاد أنه كان علينا أن نتقبل المزيد من المخاطرة وكنت على استعداد للمخاطرة والتضحيات لكنني صممت على المحافظة على سلامة قواتي لأنني اعرف الجهد الذي أعطته مصر لإعادة بناء الجيش وكان على أن أوفّق بين ما بذل من جهد لا يمكن أن يتكرر بسهولة وبين تحقيق الهدف من العمليات.- كنت أعرف جيدا معنى أن تفقد مصر جيشها إن مصر لا تحتمل نكسة ثانية مثل نكسة يونيو 1967 و إذا فقدت مصر جيشها فعليها الاستسلام لفترة طويلة.