في الفترة من 13 إلي 16 شعبان سنة 35 ه ، 635 م ، قامت معركة فاصلة بين الفرس و المسلمين هي معركة القادسية । كانت قوات المسلمين 32000 مقاتل + 6000 مدد من الشام ، تحت القيادة العامة لسيدنا سعد ابن أبي وقاص (( خال سيدنا رسول الله )) ، و كانت قوات الفرس 120000 (( مائة و عشرون الف )) مقاتل ، و 120000 (( مائة و عشرون الف )) احتياط ، كل هذا العدد تحت قيادة رستم فرخزاد الذي ما أن علم بوصول الأسد سعد أبن أبي وقاص فزحف إليه بجيشه و معداته و أفياله و عيونه । و لما كان قريبا منه ، أرسل إلي سعد أن ابعث إلينا رجلا نكلمه ، و تلفت سعد حوله انه ربعي أبن عامر أحد رجاله الأبطال . و علم رستم بمجيئه فأظهر زينته و جلس علي سرير من ذهب و بسط البسط و النمارق ، و أقبل ربعي علي فرسه و سيفه في خرقه و رمحه مشدود بعصب و قد .( هذا وصف المقاتلين وهم ذاهبون إلي المعارك و ليس وصف من يذهب للتفاوض ) فلما أنتهي إلي البسط ، قيل له أنزل . فحمل فرسه عليها و نزل و ربطها بوسادتين شقهما و أدخل الحبل فيهما .
فقالوا ضع سلاحك . فقال : لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم ، أنتم دعوتموني فأخبروا رستم .
فقال : ائذنوا له .فأقبل يتوكأ علي رمحه و يقارب خطوه ، فلم يدع لهم غرقا و لا بساطا إلا أفسده و هتكه . فلما دنا من مجلس رستم جلس علي الأرض و ركز رمحه علي البسط . فقيل له : ما حملك علي هذا ؟ قال : إنا لا نستحب القعود علي زينتكم .فقال له الترجمان : ما جاء بكم ؟قال : الله جاء بنا ، و هو بعثنا لنخرج من يشاء من عباده من ضيق الدنيا إلي سعتها و من جور الأديان إلي عدل الإسلام ، فأرسلنا بدينه إلي خلقه ، فمن قبله قبلنا منه و رجعنا عنه و تركناه و أرضه دوننا ، ومن أبي قاتلناه حتى نفضي إلي الجنة أو إلي الظفر .
فقال رستم : قد سمعنا قولكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتي ننظر فيه ؟قال ربعي : نعم ، و إن مما سن لنا رسول الله صلي الله عليه و سلم ألا نمكن الأعداء أكثر من ثلاث ، فنحن مرتدون عنكم ثلاثا .فأنظر في أمرك و أختر واحدة من ثلاث إما السلام و ندعك و أرضك ، أو الجزية فنقبل و نكف عنك و إن احتجت إلينا نصرناك ،أو المنابذة في اليوم الرابع إلا أن تبدأ بنا و أنا كفيل بذلك عن أصحابي .
فقال رستم : أسيدهم أنت ؟ قال : لا و لكن المسلمين كالجسد الواحد بعضهم من بعض يجبر أدناهم أعلاهم .فلما كان من الغد أرسل رستم إلي سعد : أن أبعث إلينا ذلك الرجل .
فبعث إليهم حذيفة أبن محض ، فأقبل و لم ينزل عن فرسه ، و وقف علي رستم راكبا .
قال له : انزل . قال : لا أفعل .
فقال له : ما جاء بك و لم يجيء الأول ؟ فقال حذيفة : إن أميرنا يحب أن يعدل بيننا في الشدة و الرخاء و هذه نوبتي
فقال له : ما جاء بكم ؟ فقال مثل ما قال الأول .فقال رستم : أو الموادعة إلي يوم ما ؟
قال حذيفة بن محض : تعم ، ثلاثا من أمس .فرده و أقبل علي أصحابه : ويحكم أما ترون ما أري ؟ جاءنا الأول بالأمس فغلبنا علي أرضنا و حقر ما نعظم و أقام فرسه علي زبرجنا ( الحلية و الزينة من الجوهر ) ، و جاء هذا فوقف علينا في يمن الطير يقوم علي أرضنا دوننا .
فلما كان الغد قال رستم أبعثوا إلينا رجلا . فبعث سعد بن أبي وقاص إلي رستم المغيرة بن شعبة . فأقبل إليهم و عليهم التيجان و الثياب المنسوجة بالذهب ، و سار المغيرة حتى جلس مع رستم علي سريره . فوثبوا عليه و أنزلوه .
فقال المغيرة : قد كانت تبلغنا عنكم الأحلام و لا أري قوما أسفه منكم ، إنا معشر العرب لا نستعبد بعضنا بعضا ،فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى فكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض .و إني لم آتكم و لكن دعوتموني ، اليوم علمت أنكم مغلوبون ، و أن ملكا لا يقوم علي هذه السيرة و لا هذه العقول .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق